الأدوات العسكرية للمقاومة في معركة “طوفان الأقصى” | أخبار سياسة
[ad_1]
فجر السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لم تطلع الشمس على واقع نامت عليه إسرائيل. فقد فجّرت المقاومة الفلسطينيّة خط الجبهة بعد “خداع إستراتيجي” مارسته بحرفية عالية، ووجهت ضربة قاصمة لقوات الاحتلال في المنطقة التي يطلق عليها إسرائيليا “غلاف غزة“، وهي المستوطنات والمواقع العسكرية القائمة على أنقاض قرى وبلدات قضاء غزة، التي دمرت خلال حرب النكبة.
استخدمت المقاومة كل أدوات العملية العسكرية، بداية من عمليات التضليل الاستخباري لأجهزة الاستخبارات في دولة الاحتلال، وعلى رأسها جهاز “أمان” المسؤول عن إعطاء تقديرات الموقف من الجيش للقيادة السياسية. ثم قدرة المقاومة على إخفاء تفاصيل العملية والتحضيرات لها عن منظومة التكنولوجيا والتجسس الإسرائيلية، وحشد القوات وتنظيم المعدات والحفاظ على منظومة القيادة خلال المعركة، من خلال تأكيد المقاومة المستمر على سير الخطة المعدة، وإعلانها لاحقا عن تبديل القوات في الجبهة وإمداد المقاتلين بالذخائر والمعدات.
كما كشفت البلاغات العسكرية التي نشرتها كتائب القسام وفصائل المقاومة المشاركة في عملية “طوفان الأقصى“، عن مجموعة من الأدوات العسكرية والقتالية.
وتاليا أبرز الأدوات التي استخدمت في السيطرة على منطقة “غلاف غزة”، وفي المركز منها قيادة “فرقة غزة”، المسؤولة في البناء التنظيمي لجيش الاحتلال عن القتال في المنطقة والدفاع عنها.
الاستخبارات
في المقام الأول، كان النجاح الاستخباري حجر الأساس للاكتساح العسكري الذي حققته المقاومة في فترة قصيرة، داخل منطقة العمليات المستهدفة المتمثلة بـ”فرقة غزة” والمواقع العسكرية المسؤولة عنها. وكذلك في مناطق إسرائيلية أخرى خارج إطار مسؤولية الفرقة، عليها مسؤولية الدعم والإسناد، مثل موقع “زيكيم” العسكري.
وقد نجحت استخبارات القسام في دراسة مواقع العملية وتحديد القوات اللازمة بدقة، والعتاد المناسب، في ظل الظروف المناخية والطبوغرافية. وفي خضم التحضيرات حددت من خلال وسائل متنوعة، أهدافا مباشرة للعمل العسكري.
وقالت وسائل إعلام إسرائيلية، إن المقاتلين حملوا معهم خرائط دقيقة للمواقع المستهدفة، وهو ما يؤكد على وجود جهود ضخمة في رصد المواقع ورسمها على خرائط.
كما نجحت استخبارات القسام في عمليات التضليل، وفوّتت على مخابرات الاحتلال الفرصة في تحقيق اختراقات تُمكنها من كشف خطة الهجوم، التي اشتملت على عناصر كبيرة بينها حشد القوات وتدريبها وإجراء مناورات لها وتوفير السلاح المناسب، ثم تحديد الموعد الدقيق للعملية، وإبلاغ القوات المعنية.
ومارست قيادة المقاومة واستخباراتها عملية “خداع إستراتيجي”، من خلال عدم الدخول في معارك خاضتها قوى المقاومة في غزة، منذ عام 2022. وهو ما أعطى دلالات مضللة للأجهزة الأمنية والاستخبارات في دولة الاحتلال، بأن حماس في غزة غير معنيّة بخوض مواجهة وأنّها مُنشغلة بالقضايا المعيشية لسكّان قطاع غزة.
وبالرغم من التقارير الإسرائيلية المتعددة، التي تحدّثت في سنوات سابقة عن إمكانية تنظيم حماس عمليات سيطرة على مستوطنات في “غلاف غزة” واحتجاز رهائن، فإن أجهزة الاستخبارات في جيش الاحتلال فشلت في توقع العملية مسبقا، وصُدمت بشكل كبير نتيجة اكتساح المقاومة المواقع العسكرية والمستوطنات من قبل قوات النخبة والمشاة.
وفي سياق العمل الاستخباري، استخدم القسام وحدات الحرب الإلكترونية “السايبر” في استهداف منظومات المراقبة والإرسال والاتصال لدى الاحتلال، والتشويش عليها بالطائرات المسيرة ومختلف الأسلحة، لإعماء الاحتلال عن رصد القوات المقتربة من الجدار الفاصل، كما صرّح الناطق باسم كتائب القسّام أبو عبيدة.
وحدة الهندسة
وفي سياق استمرار المعركة، كشفت كتائب القسام في مقطع مصور في 10 أكتوبر/تشرين الأول، عن تدريبات لوحدة الهندسة التي تكفلت بتفجير خط الجبهة الأول بين غزة والأراضي المحتلة عام 1948.
ونفذت وحدة الهندسة مهمة تفجير السياج الأمني، الذي زرعه جيش الاحتلال على الحدود وفتحت ثغرات فيه، لدخول مقاتلي وحدات النخبة إلى داخل الأرض المحتلة. واستخدمت وسائل التفخيخ في تفجير الجدار الإسمنتي، ونجحت من خلاله في الدخول إلى المواقع المختلفة.
وقدرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن المقاومة فتحت 80 ثغرة في الجدار والسلك الشائك، ونجح المقاتلون في الدخول منها لأكثر من 6 أيام خلال المعركة، وتنفيذ عمليات عسكرية في عمق المستوطنات والمواقع العسكرية والاشتباك مع قوّات الجيش الإسرائيلي.
قوات النخبة
ونفذت كتائب القسام عمليات الاقتحام للمستوطنات والمواقع العسكرية في مستوطنات “غلاف غزة”، عن طريق قوات النخبة، الذين بلغ عددهم في كل الموجات الاقتحامية 3000 مقاتل، مزوّدين بـ1500 للدعم والإسناد، وذلك وفقا للناطق باسم الجناح العسكري للقسّام “أبو عبيدة”.
يتمتع مقاتلو قوات النخبة بقدرات قتالية متميزة، وتعمل كتائب القسام منذ سنوات على تجهيزها للقتال البري وخلف خطوط العدو. وكانت حرب عام 2014 “بروفة” مُصغّرة عن أدائها المميز، بعد أن نجحت في التسلل إلى أكثر من موقع وتكبيد قوات الاحتلال خسائر فادحة.
واستخدم المقاتلون المركبات والدراجات في اقتحام المواقع العسكرية والمستوطنات، معززين بالأسلحة النارية الخفيفة، مثل: “الكلاشينكوف”، وقاذفات “الآر بي جي”، التي تستخدم في الالتحام مع القوات المعادية.
ونجحت قوات النخبة في السيطرة على المواقع التابعة لـ”فرقة غزة”، وتدميرها في وقت قياسي لم يتجاوز الـ3 ساعات، وفق قيادة حركة حماس.
سلاح الجو
وقد استخدمت المقاومة الطائرات المسيّرة التي طورتها طوال سنوات في عمليات الهجوم على المواقع العسكرية في خط الجبهة الأول، ونجحت من خلال استهداف الأبراج العسكرية ومواقع المراقبة والاتصالات بالقنابل من المسيّرات، في التعمية على استخبارات الاحتلال وقيادة المنطقة، والدخول إلى المواقع العسكرية والمستوطنات.
وخلال المعركة استخدمت المقاومة -كما أعلنت كتائب القسام وسرايا القدس– الطائرات الانتحارية في استهداف المواقع العسكرية والحشودات العسكرية في مختلف مناطق “غلاف غزة”، وخلال المعارك التي خاضتها من نقطة صفر.
كما تستخدم المقاومة الطائرات المسيرة في عمليات الرصد الميداني، وجمع المعلومات عن قواعد الاحتلال والمستوطنات.
“من السماء هبطوا”، كانت هذه إحدى المفاجآت التي ألقت بها المقاومة في المعركة، قوة من المظليين، وقالت كتائب القسام إنهم يتبعون لوحدة “سرب صقر” المتخصصة في اقتحام المواقع العسكرية والمستوطنات.
إضافة إلى ذلك، لعبت المسيّرات دورا في استهداف قوات الإسناد التي دفع بها جيش الاحتلال نحو المنطقة، لتعزيز القوات، بعد انهيار “فرقة غزة”. واعترف الاحتلال بمقتل عدد من ضباط وحدات النخبة “دوفدوفان، شايطيت 13، اليمام” وغيرها، وفي صفوف قادة مناطق في الضفة مثل قائد منطقة طولكرم، خلال الاشتباكات مع مقاتلي المقاومة.
الصواريخ
في بداية معركة “طوفان الأقصى” أطلقت المقاومة نحو 5000 صاروخ، وفقا للقائد العام لكتائب القسام، محمد الضيف. وصلت هذه الصواريخ إلى “تل أبيب” وسط فلسطين المحتلة، وغطت كل المستوطنات والمواقع العسكرية في “غلاف غزة”، كستار ناري للتغطية على قوات النخبة التي تقدمت للسيطرة على المنطقة.
وكشف الناطق باسم الكتائب أبو عبيدة، أن المقاومة أطلقت 1000 صاروخ نحو “غلاف غزة” في بداية العملية، و1000 أخرى خارج المنطقة فور دخول قوات النخبة، بالإضافة للتغطية عليها من خلال الطيران المسيّر والأسلحة المضادة للطيران.
وطوال العملية العسكرية استخدمت المقاومة مقذوفات صاروخية من مختلف الأنواع، في ضرب قوات الاحتلال والتجمعات الاستيطانية، ومنح الإسناد الناري للمقاتلين في عمق الجبهة، وتدمير آليات الاحتلال، وفي استهداف طيران الاحتلال.
وأظهرت المقاطع المصورة التي عرضتها كتائب القسام وفصائل المقاومة لفعاليات العملية العسكرية، تدميرا لمجموعة من آليات الاحتلال المدرعة، من بينها دبابات من طراز “ميركافا” التي يعتبرها الاحتلال “مفخرة” صناعاته العسكرية، وذلك عن طريق استخدام صواريخ مضادة للدروع، لم تنجح كل أنظمة الحماية التي صممها الاحتلال لحماية مدرعاته مثل “تروفي”، في منعها من تدمير الدبابات.
وفي مواجهة سلاح الطيران، الذي ارتكب مجازر متنقلة في قطاع غزة، استخدمت المقاومة أسلحة مضادة. وأعلنت كتائب القسام عن تطوير صاروخ من طراز “متبّر 1″، في سياق محاولاتها المستمرة منذ سنوات لامتلاك سلاح قد ينجح في تحييد الطائرات التي يستخدمها الاحتلال في تدمير البنية التحتية المدنية، وهدم المنازل فوق العائلات، وعمليات الاغتيالات. وذلك في ظل إحجام قواته في أكثر من حرب عن الدخول في حرب برية، بسبب المخاوف من تلقيها خسائر فادحة كما حصل في المواجهات في الميدان سابقا، وآخرها في حرب عام 2014.
وفي سياق الرد على جرائم الاحتلال، استخدمت المقاومة الذراع الصاروخية في ضرب المدن المحتلة. كما حددت في اليومين الماضيين، مدينة عسقلان هدفا للضربات تحت شعار “التهجير بالتهجير”، للضغط على الاحتلال لوقف جرائمه بحق المدنيين.
وفي أوج العملية، ضربت المقاومة أهدافا أبعد مدى، من بينها مدينة حيفا، باستخدام صاروخ “R160” الذي يحمل اسم الشهيد عبد العزيز الرنتيسي، وأطلق لأول مرة خلال حرب 2014. بالإضافة لأنواع أخرى من الصواريخ، من بينها “بدر 3” الذي أطلقته سرايا القدس.
سلاح البحرية
كما دفعت المقاومة بوحدات مشاة بحرية محمّلة على القوارب عبر البحر، من شاطئ قطاع غزة إلى مواقع الاحتلال العسكرية، بينها قاعدة “زيكيم” العسكرية. ونجحت في السيطرة عليها، حتى تحقيق هدف تطهيرها من خلال قتل الجنود والضباط فيها، وأسر آخرين.
وكان للكوماندوز البحري التابع للقسام، دور في إنزال مقاتلين في المستوطنات والمدن المحتلة، في موقع العمليات، بهدف دعم القوات على الأرض، وضرب قوات الاحتلال التي حضرت لمساندة “فرقة غزة”. كما شارك الكوماندوز البحري في عمليات نقل الأسرى والعتاد للمجموعات المقاتلة في الميدان.
Source link