أخبار العالم

عام على قانون الرقائق.. هل بات “النفط الجديد” في يد أميركا؟

[ad_1]

وقد سن إقتراح “الرقائق والعلوم” من قبل الكونغرس الأميركي ووقعه الرئيس جو بايدن ليصبح بذلك قانوناً نافذاً في 9 أغسطس 2022، حيث تم بموجبه تخصيص مبلغ 280 مليار دولار أميركي، كحزم دعم لتعزيز البحث المحلي، وتصنيع أشباه الموصلات في الولايات المتحدة على مدى 10 سنوات.
وبموجب “قانون الرقائق والعلوم” تم تقسيم مبلغ 280 مليار دولار أميركي على الشكل التالي:

  • نحو 200 مليار دولار لدعم عمليات البحث والتطوير العلمي والتسويق.
  • نحو 52 مليار دولار لدعم عمليات تصنيع أشباه الموصلات والبحث والتطوير على الأراضي الأميركية.
  • إعفاءات ضريبية بقيمة 24 مليار دولار على عمليات إنتاج الرقائق.
  • 3 مليارات دولار للبرامج التي تدعم تطوير التكنولوجيا وسلاسل التوريد اللاسلكية.

خطة أميركا على الطريق الصحيح

وبينما يحتفل قانون “الرقائق والعلوم” بعيد ميلاده الأول، يبدو أن الخطة التي حبكتها أميركا بموجب هذا القانون، تسير على الطريق الصحيح لاستعادة “عرش” صناعة الرقائق التي تعتبر بمثابة “نفط المستقبل” أو “النفط الجديد”.

وأعلنت العديد من شركات تصنيع الرقائق عن استثمارات تزيد قيمتها عن 200 مليار دولار في البلاد، وإذا سارت الأمور كما هو مخطط لها، فإن مصانع الرقائق في أميركا ستكون قادرة  في عام 2025 على تأمين نحو 18 بالمئة من الإنتاج العالمي للرقائق المتطورة.

ولطالما اعتبرت الولايات المتحدة في السابق، من رواد صناعة الرقائق الالكترونية في العالم، فهي كانت تسيطر على نحو 40 في المئة من هذه الصناعة في عام 1990، إلا أن حصتها في السوق تآكلت، لتصبح اليوم قرابة 10 في المئة، وهذا التراجع سببه انتقال إنتاج معامل الرقائق الإلكترونية من الأراضي الأميركية إلى الخارج، وتحديداً إلى دول شرق آسيا، وذلك بفعل انخفاض تكاليف الإنتاج والتشغيل هناك.

رقائق TSMC وسامسونغ بشعار “صنع في أميركا”

وحالياً تنفق شركة TSMC التايوانية العملاقة نحو 40 مليار دولار على بناء مصنعين في ولاية أريزونا الأميركية، فيما تستثمر شركة سامسونغ الكورية الجنوبية قرابة الـ 17 مليار دولار لتصنيع رقائقها في تكساس، ورغم أن هذه الشركات ليست بأميركية، إلا أن واشنطن تريد أن تحمل رقائق TSMC وسامسونج شعار “صُنع في أميركا“.

وفي المقابل تلعب الشركات الأميركية أيضاً دوراً كبيراً في عودة صناعة الرقائق في البلاد إلى سابق عهدها، إذ ستنفق شركة إنتل، مبلغ 40 مليار دولار على بناء أربع مصانع في أريزونا وأوهايو.

وفي هذا الوقت تتحضر السلطات الأميركية لإنفاق حزمة قيمتها 39 مليار دولار، وقروض وضمانات قروض أخرى بقيمة 75 مليار دولار، وذلك للشركات التي لبت المعايير والشروط القاسية، للاستفادة من الدعم الذي يقدمه قانون “الرقائق والعلوم”، وأبرزها عدم قيام الشركات المستفيدة من التمويل، بزيادة إنتاجها أو توسيع مجال تصنيعها في الصين.

ويبلغ حجم سوق الرقائق الإلكترونية حول العالم، نحو 430 مليار دولار حالياً، وتعد تايوان وكوريا الجنوبية من أبرز اللاعبين في هذه السوق، إذ تسيطر تايوان لوحدها على أكثر من 60 بالمئة من الانتاج العالمي للرقائق، فيما تفوق حصة كوريا نسبة الـ 15 بالمئة، لتحل أميركا في المرتبة الثالثة بحصة 10 في المئة، ومن ثم الصين بحصة تقارب الـ 7 في المئة.

ورغم أن صناعة الرقائق الإلكترونية هي تحت السيطرة التامة لحلفاء أميركا، أي تايوان وكوريا الجنوبية، إلا أن واشنطن تريد إعادة هذه الصناعة إلى أراضيها، وأبعادها قدر الإمكان عن مناطق النفوذ الصينية، ففي ظل التحول الرقمي الذي يشهده العالم، باتت الرقائق الإلكترونية العصب الحيوي لصناعات متعددة، ولذلك ترى الولايات المتحدة الأميركية، أن تحصين البلاد بترسانة من معامل إنتاج الرقائق المتطورة، يحمي أمنها القومي ويمنع أي طرف في العالم، من شلّ قدرتها على التطور في مختلف المجالات.

فمن دون الرقائق الالكترونية التي هي عبارة عن قطع معدنية صغيرة مصنوعة من السيليكون، لا قيمة لأي منتج ذكي في العالم، حيث أن عدم توفرها، يعني أن الأجهزة الكهربائية والهواتف المحمولة والسيارات والطائرات وشبكات الاتصالات، ومراكز البيانات والحواسيب وأجهزة الانتاج في المعامل والأجهزة الطبية الحديثة، وأنظمة التسلح والطائرات والصواريخ الحربية والأسلحة النووية، لن تكون قادرة على العمل.

ويقول الخبير في التحول الرقمي ربيع سعادة، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إنه بعد عام على توقيع الرئيس الاميركي على قانون “الرقائق والعلوم”، دأبت شركات إنتاج الرقائق العملاقة، مثل TSMC وإنتل وسامسونغ، على التخطيط لافتتاح مصانع لها في الولايات المتحدة للاستفادة من مفاعيل القانون، ولكن رغم التحفيزات الممنوحة بالقانون، فإن هذه الشركات وجدت أنها ستواجه تحديات أساسية قد تؤثر على أرباحها المستقبلية.

وبحسب سعادة فإن هذه التحديات تتلخص بثلاث نقاط، هي:

– الوقت المستغرق لبناء المصانع في الولايات المتحدة يقدر بنحو 900 يوماً، مقارنة بـ 650 يوماً في تايوان والصين، حيث يعود سبب البطء في عمليات إنشاء المصانع في أميركا، إلى البيروقراطية في إنجاز المعاملات، إذ يجب على الشركات التنقل عبر مجموعة كبيرة من اللوائح الفيدرالية، وحكومات الولايات، والحكومات المحلية، مما يزيد متوسط الوقت المخصص لإكمال عملية البناء إلى أكثر من 900 يوماً.

– التكلفة التشغيلية المرتفعة بسبب كلفتي بناء المصانع والأجور، حيث أن كلفة بناء معمل جديد في أميركا أعلى بنحو 40 بالمئة مما هي عليه في آسيا، في حين أن النفقات التشغيلية السنوية للمعامل في أميركا، أعلى بنسبة 30 بالمئة مقارنة بآسيا، ويرجع ذلك جزئياً إلى ارتفاع أجور العمال الأميركيين.

– حجم المصانع في الولايات المتحدة الأميركية أصغر من مثيلاتها في آسيا، ما يعني أن الطاقة الإنتاجية للمعامل في أميركا، ستكون أقل من تلك الموجودة في آسيا، وما يزيد الأمور تعقيداً في هذه النقطة، هو
الصعوبة التي تواجهها الشركات في العثور على عدد كاف من العمال، ذوي الخبرة في صناعة أشباه الموصلات، وهذا ما دفع شركة TSMC التايوانية، إلى تأجيل إطلاق أول منصع لها في أريزونا، لمدة عام واحد وذلك حتى 2025.

ويرى سعادة أن هذه التحديات الثلاثة ستنعكس أرتفاعاً بأسعار الرقائق الإلكترونية المصنعة في الولايات المتحدة مقارنة مع مثيلاتها المصنعة في آسيا، في وقت يبدو فيه الطلب على الرقائق في تراجع، على الأقل في المدى القصير، وهو ما قد تكون له عواقب على ربحية الصناعة على المدى الطويل، متوقعاً أن تقوم الشركات الصينية بالرد على مفاعيل قانون “الرقائق والعلوم”،  من خلال العمل على تخفيض أسعار الرقائق
ما يشكل ضغوطاً هبوطية على الأسعار.

قانون “الرقائق” انتصار لأميركا

من جهته يقول ألان القارح وهو محلل وكاتب مختص بالتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، في حديث لموقع “اقتصاد سكاي نيوز عربية”، إن أميركا تعتبر قانون “الرقائق والعلوم” بمثابة انتصار لها، وهو بالفعل كذلك لأنه ساهم وخلال عام واحد، في توسع صناعة الرقائق المحلية، ما سيجعل بلاد “العم سام” أقل اعتماداً على السوق الآسيوية القريبة من النفوذ الصيني، مشدداً على أن امتلاك أميركا لسلسلة من معامل انتاج الرقائق الإلكترونية سيكون بمثابة “درع واقي” يؤمن لها استقلالها لناحية القدرة على هندسة وتصميم وانتاج هذه السلعة الاستراتيجية على أراضيها وهو ما يُعد إنجازاً كبيراً.

ويشرح القارح أنه يمكن القول الآن، إن أميركا على الطريق الصحيح، لإحكام سيطرتها على ثلاثة أقسام تتألف منها صناعة الرقائق الإلكترونية، فهي بالفعل تهيمن على ما نسبته 85 في المئة من مجالات البحث والتطوير والتصميم للرقائق، كما أنها تسيطر على كل ما هو مرتبط بمعدات وخطوط إنتاج الرقائق، وحالياً  تسير بخطى متسارعة لإستعادة مصانع الإنتاج والتعبئة والتوزيع التي تحتاجها هذه الصناعة، ونظراً لمركزية دور الرقائق في الاقتصادات الحديثة، وتحديداً في عصر الذكاء الاصطناعي، فإن ما استطاع تحقيقه قانون “الرقائق والعلوم” بعامه الأول، يؤكد أن الصناعة الأميركية ستكون المستفيد الأكبر لناحية ضمان تفوقها من الناحية التكنولوجية، خاصة أن ما ستنتجه أميركا من رقائق، ينتمي للفئة المتطورة جداً أي أنها مصممة بدقة 3 نانوميتر، وتدعم تقنيات الذكاء الاصطناعي.

وبحسب القارح فإن كلفة الرقائق الإلكترونية المصنعة في أميركا، ونظراً للعديد من العوامل، ستكون أعلى مقارنة بنظيرتها المصنعة في آسيا، ولكن من الناحية الإستراتيجية، فإن هذا الأمر لا يهم أميركا التي تنظر للأمر من منظار مختلف، وهو الحفاظ على أمنها القومي، مشيراً إلى أن واشنطن تدرك الفارق بالأسعار، ولذلك ستسعى ومن خلال الدعم المالي الذي تقدمه بهدف استرجاع “عرش” صناعة الرقائق، إلى تغطية هذا الفارق، مع الأخذ بالإعتبار أن كلفة تصنيع الرقائق في أميركا ستنخفض كلما ارتفعت نسبة الإنتاج في البلاد، وهذا الأمر سيتحقق مع مرور الزمن.



[ad_2]
Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى