أخبار العالم

هجوم أنقرة.. فشل رغم الضجيج | آراء

[ad_1]

صباح يوم الأحد الأول من أكتوبر/تشرين الأول الجاري نفذ حزب العمال الكردستاني هجوما انتحاريا في قلب العاصمة أنقرة على مقربة من مبنى البرلمان في يوم بدء السنة التشريعية الجديدة حاملا رسائل داخلية وأخرى -ربما- خارجية.

دلالات

كان ذلك الهجوم الأول من نوعه في العاصمة التركية منذ سبع سنوات على أقل تقدير، واختير له مبنى مديرية الأمن التابعة لوزارة الداخلية على مقربة من مبنى مجلس الأمة التركية الكبير (البرلمان).

بدا توقيت الهجوم الإرهابي مختارا بعناية ليوافق صباح يوم افتتاح السنة التشريعية الثانية للبرلمان التركي في دورته الـ28، حيث كان مقررا أن يلقي الرئيس أردوغان خطابا أمام أعضاء البرلمان.

كما أن الهجوم اختار هدفا أمنيا هو مديرية الأمن التابعة لوزارة الداخلية في قلب العاصمة أنقرة على مقربة من البرلمان وعدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية، فإذا ما أضفنا إلى كل ما سبق طريقة الهجوم التي تمثلت بعملية انتحارية حيث فجر أحد المهاجميْن نفسه على مدخل مديرية الأمن فإن بصمات حزب العمال الكردستاني تتبدى بوضوح في الهجوم.

وفي ما يبدو وعلى خلاف عمليات كثيرة سابقة فقد سارعت المنظمة الانفصالية لإعلان مسؤوليتها عن الهجوم عبر موقع إخباري مقرب منها.

وقد أصيب في الهجوم شرطيان تركيان قال وزير الداخلية علي يرلي قايا إنهما بحالة جيدة، فيما قُتل المهاجمان، أحدهما بتفجير نفسه والآخر على يد أفراد الشرطة في مديرية الأمن.

الهجوم في توقيته يحاول التشويش على بدء عمل البرلمان في سنته التشريعية الجديدة كرسالة سياسية بخصوص القدرة على التأثير في المشهد السياسي الداخلي

رسائل ممن؟

بالنظر إلى أن العملية من تنفيذ “العمال الكردستاني” وبعد سنوات سبع من آخر هجوم مشابه في العاصمة أنقرة يمكن القول إن هدفها الأول إعلان الوجود وعدم الاستسلام لجهود الدولة التركية في مكافحته، ولا سيما بعد النجاحات التي حققتها أنقرة في السنوات الأخيرة في هذا المضمار.

ففي حين كان “العمال الكردستاني” يخوض مع وزارة الداخلية والمؤسسة العسكرية التركية حرب مدن في مناطق الأغلبية الكردية في عامي 2015 و2016 بعد إعلان الإدارات الذاتية يتمتع الداخل التركي اليوم بحالة متقدمة من الأمن في غياب واضح للعمليات الإرهابية والتفجيرات، بل تخطت أنقرة مرحلة الحرب الدفاعية وبدأت مشروع الحرب الاستباقية لاستئصال الحزب وتقويض إمكانياته في الخارج، وتحديدا في كل من العراق وسوريا، في سلسلة من العمليات العسكرية التي حدّت لدرجة كبيرة من قدرته على تنفيذ عمليات مشابهة في السنوات القليلة الأخيرة.

كما أن الهجوم في توقيته يحاول التشويش على بدء عمل البرلمان في سنته التشريعية الجديدة كرسالة سياسية بخصوص القدرة على التأثير في المشهد السياسي الداخلي، بل وربما كان الهجوم من زاوية ما انتقاما من نتائج الانتخابات الأخيرة التي جددت لأردوغان رئيسا ولتحالفه أغلبية البرلمان على غير رغبة المنظمة الانفصالية المعلنة، فضلا عن فكرة الرد والانتقام من عمليات تحييد عدد لا بأس به من قيادات التنظيم وكوادره الأساسية مؤخرا.

بهذه المعاني يظن “العمال الكردستاني” أنه يوصل رسائله الخاصة ويعلن عن أجندته الذاتية ويحاول تحقيق مكاسب تتعلق به وبمشروعه بشكل مباشر، لكن حاله كحال الكثير من المنظمات الإرهابية والانفصالية لا تتجاوز في معظم ما تنفذه من هجمات وعمليات أن تكون ساعي بريد لإيصال رسائل آخرين من حيث تدرك أو لا تدرك، وهو ما يدفع إلى ضرورة قراءة البعد الخارجي للهجوم وعدم الاكتفاء بالمعطيات المحلية.

هذا البعد الخارجي كان الرئيس التركي قد أشار إليه في أكثر من مناسبة، وآخرها من على منبر الأمم المتحدة حين تحدث عن داعمي الإرهاب ومموليه وموجهيه، وأن بلاده لن تخضع لهم.

هنا، قد يعطي التوقيت إشارات لاحتمالات معينة، لكنه لا يجزم بشيء، فتركيا منخرطة في قضايا ونزاعات عدة مؤخرا، وتشوب علاقاتها مع بعض الأطراف توترات تتنوع درجاتها ومددها.

الاحتمالات النظرية القائمة على فكرة المستفيد أو التوتر في العلاقات يمكن أن تشمل عددا كبيرا من الأطراف، من خصوم أنقرة وحلفائها على حد سواء، ولذلك لا يمكن الجزم باتجاه اتهام أي طرف خارجي بعينه، لكن تقدير وجود بعد خارجي لهذا النوع من الهجمات موجود لدى السلطات التركية وتعبر عنه من حين إلى آخر، وعليه فإن المعلومات التي قد تتوفر لأنقرة مقدمة على أي تحليل في هذا السياق.

تأثيرات

بالعودة لمآلات الهجوم وتأثيراته المحتملة يمكن القول إنه فشل وسيفشل في تحقيق أي هدف أو مكسب رغم الضجة التي أحدثها، والتي يبدو أنها ستكون غاية ما أمكنه تحقيقه.

ففي تفاصيل العملية قُتل المهاجمان، ولم يسقط ضحايا في الجانب التركي رغم إصابة الشرطييْن، ولم تقع خسائر مادية كبيرة في مديرية الأمن، فلم يتسبب الهجوم إذن بأضرار ملموسة مباشرة يمكن أن تحصل في الهجمات المماثلة.

كما أن هدف التشويش على انعقاد البرلمان وكلمة أردوغان أو محاولة إلغائهما/ تأجيلهما لم يتحقق كذلك، فقد عقدت الجلسة وتكلم الرئيس التركي في ظل إجراءات أمنية إضافية، وكان الهجوم الإرهابي في مقدمة محاور خطابه أمام أعضاء البرلمان، مؤكدا على أن “الأنذال الذين استهدفوا سلامة مواطنينا وأمنهم لم ينجحوا ولن ينجحوا أبدا في تحقيق مبتغاهم” وعلى أن الهجوم “يمثل الأنفاس الأخيرة للإرهاب”.

حتى الجانب الأمني المتعلق بالعملية كُشف معظمه تصريحا وتلميحا وتسريبا، بدءا من المركبة التي نفذت بها العملية والتي سرقت بعد قتل صاحبها، وصولا إلى الأسلحة المستخدمة في الهجوم ومصادرها المحتملة.

أما خارجيا فليس من المتوقع أن يدفع الهجوم أنقرة للتراجع عن أي من مواقفها في القضايا المطروحة مؤخرا، من جنوب القوقاز إلى سوريا، ومن ملف عضوية السويد في الناتو إلى ليبيا، ومن العراق إلى شرق المتوسط.

وفي المشهد الداخلي، يؤدي هذا النوع من العمليات عادة لالتفاف أكبر حول إستراتيجية الحكومة في مكافحة الإرهاب، ولا سيما “العمال الكردستاني”، وليس من المتوقع أن يطرأ أي تغيير عليها، بل لعله يستحث ردودا أكبر على هذا الصعيد، ولا سيما في سوريا والعراق، وسريعا، وفي اليوم نفسه أعلنت وزارة الدفاع التركية عن غارات جوية دمرت “عشرين هدفا للمنظمة الإرهابية” شمال العراق في ما بدا ردا أوليا على الهجوم.

تلوّح تركيا منذ مدة ليست بالقصيرة بالحاجة لعملية عسكرية جديدة في الشمال السوري للقضاء على بعض الجيوب والثغرات التي تستخدمها وحدات الحماية أو قوات سوريا الديمقراطية لمهاجمة الداخل التركي.

وزير الدفاع يشار غولر ذكّر في حفل استقبال البرلمان بكلمة أردوغان “سنأتيكم ذات ليلة دون إنذار” التي اعتاد ترديدها للتهديد بعملية عسكرية جديدة في سوريا، فيما تتحدث بعض كواليس أنقرة عن احتمالية أن تكون سوريا مصدر السلاح المستخدم.

تفاصيل كهذه إن تأكدت ستدعم سردية أنقرة بخصوص أحقيتها في شن عملية جديدة في الشمال السوري، وتقلل الاعتراضات التي تواجهها، ولا سيما أنها حازت مواقف دعم وتأييد من مختلف الأطراف، بما فيها الغربية.

ولا يعني ذلك بالضرورة أن العملية باتت قريبة جدا، ولكن دوافعها ومسوغاتها تزداد مرة أخرى وتتأكد الحاجة لها على الأقل بالنسبة لأنقرة، أما الرد فيمكن أن يشمل مجموعة من الإجراءات، بما في ذلك تحييد عناصر قيادية في العمال الكردستاني وامتداداته السورية، وقصف مراكز ومواقع لقوات الحماية في سوريا، وعمليات شبيهة في العراق كما سلف ذكره، مع إبقاء التلويح بالعملية.

وعليه، ختاما قد يكون هجوم أنقرة أحدث ضجيجا مزعجا، لكن لا يبدو أنه استطاع أو سيستطيع تحقيق أي أهداف ذات بال لا على المدى التكتيكي القريب ولا على الإستراتيجي البعيد، بل لعله يستحث ردودا تركية عكس التي توخاها الهجوم ومن وقف خلفه.

[ad_2]
Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى