هل تنافس سلطنة عُمان دول المنطقة بقطاع الطاقة المتجددة؟ – آراء ومقالات
[ad_1]
زاهر هاشم
تمتلك المنطقة العربية وفرة في مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إذ يمكّنها موقعها الجغرافي من الحصول على أعلى سطوع شمسي، نتيجة وقوع جزء كبير منها ضمن ما يسمى بـ”الحزام الشمسي العالمي”، حيث تستفيد المنطقة من معظم أشعة الشمس الكثيفة خلال فترات طويلة من العام.
وتخطط البلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لإنتاج أكثر من 73 غيغاوات من مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وهي زيادة بأكثر من خمسة أضعاف السعة الحالية التي ستشكل عند بدء تشغيلها 91٪ من أهداف الطاقة المتجددة لعام 2030 للجامعة العربية، وذلك وفق تقرير نشرته منظمة “جلوبال إنيرجي مونيتور” في يونيو/ حزيران 2022.
وحسب تقرير المنظمة تأتي سلطنة عُمان والمغرب والجزائر مجتمعة في طليعة الدول العربية الناشطة في هذا المجال، وذلك بخطة طموحة لإنتاج نحو 39.7 غيغاوات من مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وهو ما يضاهي أربعة أضعاف الطاقة التي تسعى إلى إنتاجها من الغاز الطبيعي.
سلطنة عُمان تتصدر في الاعتماد على الطاقة المتجددة
تلعب صناعة الطاقة دوراً حاسماً في تحقيق الانتقال إلى اقتصاد منخفض الكربون، وتزداد الحاجة إلى تسريع كبير في التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة والنظيفة، إذا أردنا تعزيز إزالة الكربون من نظام الطاقة بالسرعة المطلوبة.
وعلى الرغم من أن الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة في المنطقة العربية لم يلق اهتماماً حتى وقت قريب، نتيجة الاعتماد الكبير على مصادر الطاقة التقليدية مثل النفط والغاز، وحسابات الجدوى الاقتصادية وضعف الإمكانيات لدى العديد من دول المنطقة، فإن المنطقة العربية شهدت في السنوات الأخيرة “ثورة خضراء”، تمثلت بزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة من مصادر طبيعية، والطاقة النظيفة التي لا تسبب تلوثاً بيئياً ولا تنتج عنها انبعاثات ضارة من ثاني أكسيد الكربون.
وعلى مستوى الدول الخليجية والعربية والعالمية، حققت سلطنة عُمان أرقاماً قياسية وتنافسية جديدة واحتلت المركز الأول على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والأول على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والمركز السادس عالمياً في مؤشر تنظيم الطاقة المتجددة، حسب ما ذكرت هيئة تنظيم الخدمات العامة في السلطنة، وفق تقديرات منظمة “رايز” التابعة للبنك الدولي.
وحسب الهيئة أيضاً، حلت سلطنة عُمان في المركز الثاني على مستوى دول مجلس التعاون الخليجي، والمركز الخامس على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والمركز 38 عالمياً، في مجال تنظيم الطاقة المستدامة.
مشاريع واعدة في مجال الطاقة المتجددة
أنشأت سلطنة عُمان عدة مشاريع واعدة في مجال الطاقة الشمسية، كما تهتم بإنتاج الهيدروجين الأخضر وتسعى إلى أن تكون في مقدمة دول العالم في إنتاجه من خلال امتلاكها المقومات الرئيسية لإنتاجه والمتمثلة في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والأراضي الواسعة.
وبدأت عُمان بتشغيل أول مشروع واسع النطاق لطاقة الرياح في منطقة الخليج العربي، في محافظة ظفار عام 2019 بسعة إنتاجية تقدر بـ50 ميغاوات تكفي لتغطية أكثر من 16 ألف منزل وتسهم في خفض 110 آلاف طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنوياً، حسب شركة “مصدر” المنفذة للمشروع.
كما أنشأت السلطنة محطة “مرآة”، إحدى أكبر محطات توليد البخار بالطاقة الشمسية في العالم، ويولّد هذا المشروع حوالي 6 آلاف طن من البخار يومياً بالحرارة الشمسية، والذي يستخدم بدوره في الأساليب الحرارية للاستخلاص المعزز للنفط.
وتوفر محطة أمين للطاقة الشمسية الكهروضوئية، الممتدة على مساحة 4 كيلومترات مربعة، طاقة نظيفة بقدرة 100 ميغاواط تكفي لتزويد 15 ألف منزل بالطاقة، وتخفيض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بأكثر من 225 ألف طن سنوياً.
وحصلت الشركة الكورية “ويسترن باور” مؤخراً، على مشروع محطة “منح 1” لتوليد 500 ميغاواط من الطاقة الشمسية في عُمان لصالح الشركة العمانية لشراء الطاقة والمياه، ويهدف المشروع إلى بناء محطتين للطاقة الشمسية بقدرة إجمالية تصل إلى 1000 ميغاواط في مدينة “منح”، ومن المقرر بدء تشغيله في عام 2025.
الهيدروجين الأخضر طاقة المستقبل
تسعى سلطنة عُمان، إلى التحول إلى مصادر الطاقة البديلة ليس فقط على مستوى الاستهلاك، وإنما على مستوى الإنتاج أيضاً، والتزمت عُمان بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، بما يتماشى مع هدف اتفاق باريس للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى 1.5 درجة مئوية، لتكون ثالث دولة منتجة للنفط والغاز في الشرق الأوسط بعد الإمارات والسعودية تعلن عن هدف صافي انبعاثات صفرية.
وتستهدف السلطنة ضمن خطة الحياد الكربوني هذه، استثمارات بقيمة 140 مليار دولار في صناعة الهيدروجين الأخضر وتأمل في تحقيق إنتاج مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، وأنشأت لذلك شركة “هيدروجين عُمان” (Hydrom) وهي شركة تابعة لشركة تنمية الطاقة في عُمان المملوكة للدولة.
والهيدروجين الأخضر هو غاز الهيدروجين الذي يجري استخراجه باستخدام الطاقة الكهربائية الناتجة عن مصادر للطاقة المتجددة، واللازمة لعملية التحليل الكهربائي وتفكيك جزيء الماء إلى هيدروجين وأكسجين.
وسمي بالهيدروجين الأخضر نظراً لكفاءته البيئية وعدم تسببه بإطلاق غاز ثاني أكسيد الكربون أثناء عملية استخلاصه، وتعمل خلايا الوقود الهيدروجيني التي يمكن استخدامها في تشغيل السيارات الكهربائية وتزويد المنازل بالكهرباء، على إعادة تجميع الهيدروجين والأكسجين معاً بطريقة تطلق الطاقة على شكل كهرباء، وينتج عنها الماء فقط، لذلك تعد خلايا الوقود الهيدروجيني الأخضر من أكثر الوسائل الصديقة للبيئة في توليد الطاقة.
وفي هذا الإطار وقَّعت شركة هيدروجين عُمان “هايدروم” مؤخراً، اتفاقيتين لتطوير مشروعين جديدين لإنتاج الهيدروجين الأخضر في محافظة الوسطى بقيمة استثمارية إجمالية تقارب 10 مليارات دولار أمريكي، وسيبلغ إجمالي الإنتاج المتوقع للمشروعين 250 كيلو طناً من الهيدروجين الأخضر بما يكافئ 6.5 غيغاوات من سعة الطاقة المتجددة.
وتتمثل الاتفاقية الأولى الموقعة مع تحالف “بوسكو-إنجي”، في إنتاج حوالي 200 طن سنوياً من الهيدروجين الأخضر المكافئ لـ5.2 غيغاوات من الطاقة المتجددة لغرض إنتاج الأمونيا وتصديرها، وتهدف الاتفاقية الثانية الموقعة مع تحالف “هايبورت الدقم” إلى إنتاج نحو 50 كيلو طناً سنوياً من الهيدروجين الأخضر خلال المرحلة الأولى من المشروع بحلول عام 2029.
وتوقع تقرير صدر مؤخراً عن وكالة الطاقة الدولية أن تساهم موارد الطاقة المتجددة عالية الجودة في سلطنة عُمان والمساحات الشاسعة من الأراضي المتاحة، في أن تجعلها في وضع منافس لإنتاج كميات كبيرة من الهيدروجين منخفض الانبعاثات.
وتهدف عُمان إلى إنتاج ما لا يقل عن مليون طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً بحلول عام 2030، والوصول إلى 3.75 مليون طن بحلول عام 2040، وما يصل إلى 8.5 مليون طن بحلول عام 2050، وهو ما يزيد عن إجمالي الطلب على الهيدروجين في أوروبا اليوم، حسب التقرير ذاته.
واستناداً إلى تحليل الوكالة الدولية للطاقة، فإن عُمان تسير على الطريق الصحيح لتصبح سادس أكبر مصدر للهيدروجين على مستوى العالم، والأكبر في الشرق الأوسط بحلول عام 2030.
عن TRT عربي
Source link