الفيضانات المفاجئة أسبابها وعوامل حدوثها – آراء ومقالات
[ad_1]
زاهر هاشم
تعدّ الفيضانات الخاطفة أو المفاجئة (Flash floods) من بين أكثر الكوارث الطبيعية فتكاً في العالم، إذ تجمع بين القوة التدميرية للفيضانات والسرعة الكبيرة في حدوثها، وتحصد الفيضانات الخاطفة أرواح أكثر من 5000 شخص سنوياً، وتسبب أضراراً بيئية واقتصادية جمّة، إضافةً إلى تأثيراتها الاجتماعية، وتمثل ما يقرب من 85% من حالات الفيضانات، ولها أعلى معدل وفيات بين مختلف أنواع الفيضانات.
ويختلف هذا النوع من الفيضانات عن فيضانات الأنهار والفيضانات الساحلية في نطاقها الزمني والمكاني المحدود، إذ تحدث بعد ساعات قليلة من هطول كميات كبيرة وغير متوقعة من الأمطار، والناتجة عن العواصف الرعدية، كما يتسبب انهيار السدود أو الحواجز النهرية بمثل هذا النوع من الفيضانات، ويمكن أن تحدث في جميع أنحاء العالم.
أسبابها وعوامل حدوثها
تحدث الفيضانات المفاجئة عندما تتجاوز الأمطار الغزيرة قدرة الأرض على امتصاصها ويمكن أن تحدث في غضون دقائق من هطول الأمطار المتسببة، مما يحدّ من الوقت المتاح لتحذير وحماية السكان.
وتتحدد سرعة حدوث الفيضانات المفاجئة بعوامل عدة، مثل كثافة هطول الأمطار وموقعها وتوزيعها، واستخدامات الأراضي والتضاريس، وأنواع النباتات وكثافتها، ونوع التربة، ومحتوى التربة المائي.
وتعتبر المناطق ذات الكثافة السكانية العالية أكثر عرضةً لخطر الفيضانات المفاجئة، إذ يؤدي تشييد المباني والطرق السريعة ومواقف السيارات، وطغيان الأبنية الأسمنتية وأسطح الأسفلت، وعدم كفاءة شبكات التصريف، إلى زيادة الجريان السطحي عن طريق تقليل كمية الأمطار التي تمتصها الأرض، وزيادة احتمال حدوث فيضانات مفاجئة.
وتشير التقارير إلى أنّ 55% من سكان العالم اليوم يعيشون في المدن والمناطق الحضرية، وهي نسبة من المتوقع أن ترتفع إلى 68% بحلول عام 2050، ما يجعل سكان المدن الكبرى الأكثر تعرضاً لأخطار هذه الكارثة الطبيعية.
وتُعتبر المناطق القريبة من الأنهار معرضة بشكل أكبر لخطر الفيضانات، وقد يتسبب فشل الحواجز المبنية على ضفاف الأنهار بفيضانات جارفة نتيجة ارتفاع منسوب المياه التي تسببها الأعاصير، وتساعد الجبال والتلال شديدة الانحدار على تكوين جريان سريع يؤدي إلى ارتفاع مجاري المياه بسرعة.
وتمنع الصخور والتربة الطينية الضحلة تسريب كثير من المياه إلى الأرض، كما يمكن أن تؤدي التربة المشبعة أيضاً إلى فيضانات سريعة، ويساعد ذوبان الثلوج والجليد وأمطار الربيع الغزيرة التي تتساقط على الثلوج الذائبة، في التسبب بالفيضانات المفاجئة.
الفيضانات المفاجئة وتغير المناخ
يؤدي ارتفاع درجة حرارة المسطحات المائية مثل البحار والبحيرات، إلى زيادة تشكل بخار الماء الذي يحمله الهواء الساخن بسرعة كبيرة إلى ارتفاعات عالية ويتكاثف في طبقات الجو العليا على شكل سحب ركامية كثيفة شديدة الرطوبة، تتشكل فيها قطرات ماء كبيرة تتساقط على شكل أمطار غزيرة وشديدة.
وشهدت أكثر من مدينة حول العالم مؤخراً أمطاراً صيفية عاتية أدت إلى تشكل السيول والفيضانات العنيفة، وذلك بعد صيف ساخن وصلت فيه درجات الحرارة إلى أرقام قياسية غير مسبوقة، الأمر الذي يجعل من تغير المناخ واستمرار ارتفاع درجات الحرارة عاملاً محفزاً لتكرار مثل هذه الظواهر الطقسية المتطرفة التي يُرجح زيادة تواترها في المستقبل.
وفي حين أصبح الغلاف الجوي السفلي للأرض أكثر دفئاً ورطوبة نتيجة لانبعاثات غازات الدفيئة التي يسببها الإنسان، يوفر ذلك مزيداً من الطاقة للعواصف وبعض الأحداث الجوية القاسية، ومنها هطول الأمطار الغزيرة التي تزيد خطر الفيضانات.
ويؤدي ارتفاع درجات الحرارة صيفاً إلى تجفيف التربة، ومع استمرار هذه الموجات الحارة لفترة طويلة، تصبح التربة شديدة القساوة وتتصلب بحيث تصبح غير قادرة على امتصاص الكميات الكبيرة من مياه الأمطار المتساقطة، وبالتالي تزيد الفرصة لنشوء مزيدٍ من الفيضانات الجارفة.
إلى ذلك، فإنّ نقص الغطاء النباتي الناتج عن زيادة وتيرة وشدّة حرائق الغابات بسبب تغير المناخ وارتفاع درجات الحرارة، يزيد سرعة جريان مياه الأمطار وخطر الانهيارات الطينية ويفاقم الآثار المدمرة للفيضانات المفاجئة.
نظام عالمي للإنذار المبكر
ولمعالجة القضايا المرتبطة بالفيضانات المفاجئة، أطلقت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) نظام توجيه الفيضانات الخاطفة (FFGS)، أداة تحليل وتنبؤ متطورة، اعتماداً على تقديرات الهطول التي تجمعها رادارات الطقس والأقمار الصناعية وأدوات القياس ونماذج التنبؤ العددي بالطقس، ويوفر النظام لمراكز التنبؤ بالأرصاد الجوية ومراكز البحوث الهيدرولوجية، إمكانية إصدار إنذارات دقيقة وفي الوقت المناسب بشأن الفيضانات الخاطفة في جميع أنحاء العالم.
ويوفر نظام FFGS مجموعة من النواتج تشمل التشخيص والتنبؤ والثلوج والمخاطر، كما يوفر وحدات ومكونات خاصة لتقييم الانهيارات الأرضية والفيضانات الخاطفة في المناطق الحضرية، ويغطي الآن أكثر من 60 دولة حول العالم، ما يوفر الحماية لنحو 3 مليارات شخص، أي 40% من سكان العالم، ويعزز قدرات الإنذار المبكر على المستويَين الوطني والإقليمي.
عن TRT عربي
Source link