الطلاب حاضرون والمدرسون غائبون.. ما تداعيات نقص المعلمين في إيران؟ | سياسة
[ad_1]
مراسلو الجزيرة نت
طهران- “تأتي العديد من الطالبات إلى المدرسة يوميا، يجلسن في الساحة وهن يرتدين الزي المدرسي، ويحملن الحقائب والكتب، ويأملن بإرسال معلم من دائرة التعليم”، هذا ما تذكره المعلمة الإيرانية فاطمة محمدي، وتسميه “تجربة مريرة” لاحظتها عند بداية العام الدراسي.
وتتابع محمدي، التي بدأت العمل بسلك التعليم وهي طالبة جامعية “في اليوم الأول الذي زرت فيه المدرسة، رحب بي أهالي الطالبات بحرارة، وأرادت الأمهات تقبيل يدي وهن يبكين. قالت إحدى الأمهات كنت أظن أن ابنتي ستبقى أمية مثلي، كنت قلقة عليها جدا، بعثك الله لنا، الحمد لله”.
نقص 200 ألف معلم
وأثارت تصريحات مسؤولين إيرانيين ضجة في الأوساط العلمية، بعد مضي أسبوعين على بداية العام الدراسي الجديد، حيث قال وزير التعليم رضا مراد صحرائي، الأربعاء “لدينا نقص في المعلمين يقارب 200 ألف معلم” حاليا.
وحمّل صحرائي الحكومة السابقة المسؤولية، بقوله إن هذه المشكلة هي نتيجة للسياسات الخاطئة للحكومة السابقة، وإن مجموعته تقوم بتعيين المزيد من المعلمين.
وتابع وزير التعليم والتربية أن توظيف 75 ألف معلم جديد جارٍ، كما تم تعويض جزء آخر من النقص في المعلمين من خلال توظيف المعلمين المتقاعدين وطلبة تخصص تربية المعلم في السنتين الثالثة والرابعة بالجامعة، وغيرها من الطاقات.
ونشرت وسائل الإعلام بإيران، في الأيام القليلة الماضية، العديد من التقارير عن صفوف دراسية دون معلمين. وسبق أن أعلن عضو لجنة التعليم والبحث في البرلمان محمد وحيدي، أن أكثر من 23 ألف صف في مدارس البلاد يفتقر إلى المعلمين.
وقال مسؤول بالتعليم الابتدائي في طهران “قمنا بإدارة الصفوف دون معلمين بحيث لا تكون فارغة، وفي المدارس التي تواجه نقصا في المعلمين يقوم نواب مديري المدارس بإدارة هذه الصفوف، ويتم حل المشكلات تدريجيا بإضافة معلمين جدد إلى المدارس كل يوم”.
أزمة الميزانية
يوضح خبير الوقاية من الأضرار الاجتماعية في دائرة التعليم والتربية عماد عبيدي، عدم نجاح سد فجوة نقص المعلمين من خلال جامعات “فرهنجيان” المخصصة لتربية المعلم التي أسست لهذا الغرض، قائلاً إن “الجهات المعنية في قضية المعلمين تقول دائما إن قطاع التعليم والتربية يعاني أزمة حادة في الميزانية، مما لن يمكنهم من استقطاب معلمين جدد”.
ويشير عبيدي في حديثه للجزيرة نت، إلى قانون “التعليم المجاني” في إيران، موضحا أن التعليم المجاني يتطلب أدوات مادية مثل مبنى المدرسة وأجهزة التبريد والتدفئة وأدوات أخرى معنوية أولها المعلم. و”هذه الأدوات غير متوفرة في كل مكان، وأصبحت حصرية للطبقة المرفهة”. ويرجع عبيدي كل ذلك إلى أزمة الميزانية، فضلا عن الإدارة السيئة.
وعما إذا كانت الصفوف التي تفتقر إلى المعلمين ستبقى كما هي أو لا؟ يؤكد عبيدي أنها ستضم معلمين بعد شهرين من بدء العام الدراسي كحد أقصى، لكن هؤلاء ليسوا من خريجي جامعة تربية المعلم لذلك، فهم ليسوا متهيئين لهذه المهنة لأنهم لم يتلقوا تعليما لكيفية التدريس.
وينصح عبيدي بتوخي الحذر من استخدام طواقم غير مؤهلة، حيث يتوقع حدوث ذلك بشكل مؤكد خلال الشهر المقبل.
صعوبة القبول في “تربية المعلم”
يقول مدير مدرسة إن التعليم في إيران يعاني نقصا في المعلمين، ولكن من الصعب الالتحاق بجامعة تربية المعلم “فرهنجيان”، التي تعد المصدر الرئيس لتوفير المعلمين وتدريبهم، بسبب القضايا التي يتم طرحها في مقابلة العمل التي تلي الامتحان وهي قضايا لا تتعلق بالمستوى العلمي، بل تركز على التدين والولاء للنظام.
ويتابع المدير الناشط في سلك التعليم الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن جامعة “فرهنجيان” المخصصة لتربية المعلم تعاني مشكلة صغر المساحة، وفي أغلب المدن يتم ترميم المدارس القديمة واستخدامها تحت مسمى جامعة “فرهنجيان”، وقد تكون هذه إحدى المشاكل الرئيسية لهذه الجامعة.
ويضيف في حديثه للجزيرة نت أنه في مرحلة ما، تم إهمال تعيين المعلمين وكان هناك انقطاع، ويمكن مشاهدة نتائج هذا الإهمال اليوم في الصفوف الدراسية دون معلمين.
وفي إشارة إلى أزمة الموازنة، يقول إنه يمكن ملاحظة ذلك في معظم دوائر وزارة التعليم حيث بسبب قلة الميزانية يرجحون توظيف المعلمين بالعمل الإضافي، لأن مكافأتهم تُحسب بالساعة، ويتقاضون أقل من المعلمين الرسميين.
ويختم بالقول “لدينا أزمة في الإدارة والفساد الإداري، مما يتسبب بإنفاق جزء مهم من ميزانية قطاع التعليم والتربية في قضايا أيديولوجية وإهمال الجانب التعليمي”.
Source link