*مفاوضات جدة [2]* | صحيفة التيار
[ad_1]
*دولة القانون*
بمدينة جدة انطلقت بالأمس الخميس جولة مفاوضات ثالثة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع. وخلافاً للظروف التي جرت فيها الجولتان السابقتان أتت معظم التكهنات بأن هذه الجولة، وإن لم تكن الأخيرة، فسوف تحدث اختراقاً نوعياً وذلك لعدة أسباب: *السبب الأول*: الغياب الغريب لقائد قوات الدعم السريع رغماً عن المحاولات المتكررة بادعاء وجوده في أرض المعركة. فغيابه غير المبرر يؤكد فرضية إما وفاة حميدتي أو إصابته إصابة خطيرة أقعدته عن الظهور. سبب آخر يجعل هذه الفرضية أكثر قبولاً الظهور المتواتر لشقيقه عبد الرحيم سواءً من داخل أو خارج السودان. *السبب الثاني*: أن الجولة الثالثة تنعقد بعد أن بدأت قوات الدعم السريع تتضاءل عدداً وتنسحب تدريجياً سواءً طوعاً أو كرهاً من عدة مناطق كانت تبسط شبه سيطرة كاملة عليها سواءً بالخرطوم، أمدرمان أو الخرطوم بحري. أكدت هذه الواقعة عدة مصادر شاهدت الغياب الميداني الواضح لآليات وأفراد الدعم السريع. في ذات الوقت يسند هذا الضمور انسحاب عبد الرحيم دقلو لإقليم دارفور وقيادته الشخصية لمعركة نيالا بجانب قيادات ميدانية أخرى كانت تظهر وباستمرار في مناطق العمليات بالخرطوم. *السبب الثالث*: أن القوات المسلحة سواءً حقيقة أو حكماً شعرت وكأنها بدأت تمتلك زمام المبادرة وتسيير العمليات الميدانية، ولو جزئياً، لمصلحتها. قد تصح هذه الفرضية بعدما دفع المواطنون وجنود القوات المسلحة ثمن غالٍ حاولت، ولاحقاً هذه القوات، أن تمتص سيطرة قوات الدعم السريع لما لا يقل عن 90% من ولاية الخرطوم بجانب تهديدها المستمر لمدن أخرى بكردفان وولاية الجزيرة. *السبب الرابع*: أن قوات الدعم السريع ومن تلقائها ألحقت بنفسها هزيمة كبرى تجلت، ومنذ اليوم الأول، في تنفيذ عملية انقلابية محدودة سعت من خلالها لأن تستلم السلطة وتسلّمها لحميدتي أو من يحدد الأخير. بفشل هذا الهدف وغياب حميدتي عن المشهد عادت قواته لممارسة عادتها القديمة مستبيحة الخرطوم وأهلها غنائماً. *السبب الخامس*: بهذا السلوك حصلت قوات الدعم السريع على إدانات وعقوبات دولية طالت قياداتها الميدانية. في ذات الوقت فشلت قوات الدعم السريع في أن تقنع سكان الأرض المحتلة بجدوى وجودها فكان لابد من البحث عن المخرج المناسب وهو ضرورة العودة للمفاوضات. في سياق البحث عن ذريعة التفاوض زادت قوات الدعم السريع من مساحات الأرض المحروقة وتكثيف قذائف نيرانها لمناطق عديدة بأم درمان وغيرها حسبما أوردت تقارير بعض المنظومات المهنية. يؤكد هذا النظر إصرار الدعم السريع على توسيع دائرة المعارك لمدن بإقليم دارفور بوصفه الأكثر هشاشة وبعداً من مرمى نيران القوات المسلحة. بالطبع هذا الإقليم المكلوم سيكون من ضمن أوراق المساومة في المرحلة القادمة من مراحل المفاوضات التي تتخذ من جدة منبراً، ونواصل.
د. عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
27 أكتوبر 2023
Source link