مفاوضات جدة [6] | صحيفة التيار
[ad_1]
يذهب معظم المؤرخين إلى أن عجوبة التي اشتهرت بخراب سوبا ماتت مقتولة. وعجوبة، وإن نالت جزاء فتنتها التي أشعلتها إلا أن مؤرخين آخرون يعتبرونها بطلة سقوط مملكة علوة لصالح عمارة دنقس وعبد الله جماع. بالطبع، وبغض النظر عن صحة التحليلين إلا أن عجوبة وباستغلالها جمال بنتها “طيبة” للفتنة بين الوزراء كشف عن انقسام مدارس المحللين السياسيين بين من يعتبر عجوبة مجرمة نالت عقابها ومن يفسرون سلوكها غاية تبرر الوسيلة.
المتتبع لتاريخنا السياسي، وبلا كثير عناء، سيعثر على جينيات عجوبة وسلوك عنف البادية المتجذر، حسب تصنيف حسن الجزولي وغيره من الكُتاب السودانيين. فالجفوة والغلظة أو بالأصح التطرف، يبدو أنه سلوك يلازم كثير من السودانيين بمدنهم وبواديهم. خير شاهد على ذلك أن السودان يعتبر الدولة الأكثر ممارسة للانقلابات العسكرية والتي صنعتها أو شاركت فيها معظم الأحزاب السياسية. هذا الواقع المر يكشف أنه قد حان وقت القطيعة مع ماضي لم يعرف إلا التطرف سواء يساراً أو يميناً. الحقيقة الثابتة أن لا اليسار كان صدوقاً ولا اليمين كذلك. فالطرفان وإن لم تكن لهم قواعد جماهيرية حقيقية إلا أن كلاهما، ومن أجل سحق الآخر والنكاية به، سام الضحية (أغلبية الشعب) كافة صنوف العذاب.
الحرب في أي مكان توحد أبناء الوطن الواحد بل وكل شعوب العالم كما يبدو من التضامن مع الشعب الفلسطيني. السودانيون، وبكل أسف، لم تزدهم حربهم إلا فرقة وشتاتاً. النتيجة الحتمية لهذا التطرف ألا يكون لمنبر جدة دور في وقف هذه الحرب الشاملة. فالقتال بين أبناء وبنات السودان غير محصور في الميادين بقدرما تغلغل فتنة ضربت عمق النفوس والمزاج العام. رداً على من يسأل متى ستتوقف هذه الحرب، فإن المسؤول ليس بأعلم من السائل. كهذه حروب تتوقف وتلقائياً عندما يغيّر الناس ما بأنفسهم قولاً وفعلاً وتداولاً عبر الوسائط، ونواصل.
عبد العظيم حسن
المحامي الخرطوم
31 أكتوبر 2023
Source link