كيف أصابت الحرب على غزة الدبلوماسية الإسرائيلية في مقتل؟ | سياسة
[ad_1]
القدس المحتلة- اعتبرت تحليلات إسرائيلية أن قطع بوليفيا العلاقات مع إسرائيل، وسحب تشيلي وكولومبيا سفيريهما من تل أبيب بسبب العدوان الإسرائيلي على غزة، بمثابة انتكاسة للدبلوماسية الإسرائيلية ومؤشر على تراجع الشرعية والغطاء الذي حصلت عليه إسرائيل للحرب، حيث لم تستبعد أن يكون قرار هذه الدول في أميركا اللاتينية بمثابة كرة ثلج متدحرجة تطعن بالسردية الإسرائيلية.
وفي وقت قللت فيه الخارجية الإسرائيلية من تداعيات الخطوات الدبلوماسية التي أقدمت عليها الدول الثلاث، أجمعت التحليلات بالصحف الإسرائيلية على أن هذه الخطوة تعكس تراجع الشرعية التي حصلت عليها إسرائيل عند بدء الحرب على غزة، وكذلك بوادر دولية لمناهضة الحرب وتشكل ملامح أولى لممارسة ضغوطات دولية وقف الحرب.
ولا تستبعد وسائل الإعلام الإسرائيلية، وكذلك التقديرات للباحثين بالسياسات الخارجية والإقليمية، أن تؤدي خطوات بوليفيا وكولومبيا وتشيلي إلى اتساع دائرة التوتر الدبلوماسي بين إسرائيل ومزيد من الدول، كما قدرت أن ينتقل هذا التوتر إلى منطقة الشرق الأوسط وحتى مع الدول المطبعة مع إسرائيل.
أميركا اللاتينية والقضية الفلسطينية
وأوضح المراسل السياسي لصحيفة “يديعوت أحرونوت” أيتمار آيخنر أن ما حصل هو فشل واضح للخارجية الإسرائيلية التي تدعي أنها لم تتفاجأ بالقرارات، لكنها في الوقت نفسه تعمل على التأكد من أن دولا أخرى لن تحذو نحو قطع العلاقات أو استدعاء السفير.
وبحسب التقييم، يقول آيخنر “من المتوقع أيضا أن تعلن نيكاراغوا قطع العلاقات مع إسرائيل” مشيراً إلى أن إعلان الحكومة البوليفية قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل جاء بعد إدانة مقتل الفلسطينيين في غزة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تعلن فيها بوليفيا قطع العلاقات مع إسرائيل. ففي عام 2008 أيضاً، خلال عملية “الرصاص المصبوب” (التسمية الإسرائيلية لحرب الفرقان) أعلن الرئيس البوليفي آنذاك إيفو موراليس قطع العلاقات.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، جددت بوليفيا علاقاتها مع إسرائيل بعد 11 عاماً من القطيعة، لكن دون وجود سفير بوليفي في إسرائيل، لكن لدى تل أبيب قنصل فخري هناك، وهو روبرتو نيكلباوم، ويعمل منذ سنوات.
ومنذ تغيير الحكومة في بوليفيا، تقول محللة الشؤون السياسية والعلاقات الدبلوماسية بصحيفة “يسرائيل هيوم” سريت أفيتان كوهين إن العلاقات بين الطرفين “خالية من المحتوى والمضمون وفضفاضة للغاية، وبقيت مجرد حبر على الورق فقط”.
وتقول الصحيفة الإسرائيلية “هناك في جميع أنحاء القارة الأميركية موجة من تغيير أنظمة الحكم نحو اليسار، مما يجعل العلاقات مع إسرائيل محفوفة بالمخاطر، وكذلك في المكسيك وهندوراس وكولومبيا وبوليفيا والإكوادور والبرازيل والأرجنتين وبالطبع فنزويلا”.
انتكاسة دبلوماسية
وبحسب تقدير موقف للباحث وأستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس، الدكتور روعي كيبريك، فإن الدبلوماسية الإسرائيلية تعرضت للانتكاسة ولضربة قوية في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، بالهجوم المفاجئ لحماس على “غلاف غزة” وبلدات إسرائيلية في الجنوب.
وعزا كيبريك هذه الانتكاسة إلى تحطم وانهيار المفاهيم التي دائما يسعى نتنياهو إلى ترويجها، وإقناع العالم بأنه يمكن إنهاء الصراع وتجاوز القضية الفلسطينية بالتطبيع مع العالم العربي، لكن “طوفان الأقصى” دحض هذه المفهوم الدبلوماسي لنتنياهو وأثبت العكس.
ويعتقد أستاذ العلوم السياسية أن الهجوم المفاجئ لحماس وما أعقبه من حرب على غزة، أثبت لإسرائيل وللدول العربية وللمجتمع الدولي أن الصراع ما زال مفتوحاً وأن القضية الفلسطينية ما زالت خفاقة ولا يمكن تجاوزها، ويجب بذل الجهود والاستثمار في الحل قبل توجه تل أبيب وواشنطن نحو إعادة تصميم الشرق الأوسط من الجديد.
تحديات التطبيع
وأوضح كيبريك أن “طوفان الأقصى” بعثت رسالة للعالم أجمع أن عدم التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية بموجب القرارات الدولية “يهدد استقرار الشرق الأوسط، ويقوض قدرة أميركا على تشكيل معسكر واسع تحت مظلتها يحرص على الاستقرار الإقليمي ويحارب الإسلام السياسي المتطرف”.
ويشكل عدم التوصل لحل للقضية الفلسطينية، حسب تقديرات كيبريك “تهديداً وجوديا محتملا للأردن، وكذلك انهيار الدبلوماسية الإسرائيلية في الشرق الأوسط، إذ كشفت الحرب على غزة أن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني مرتبط بالصراع العالمي بين القوى الغربية والمحور الروسي الصيني الإيراني”.
ويرى أستاذ العلوم السياسية أن الشعوب العربية والإسلامية المناصرة للفلسطينيين، والمنددة بالحرب الإسرائيلية على غزة، تضع الأنظمة وتحديداً المطبعة مع إسرائيل أمام تحديات قد تؤدي لقطع العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب ولو بشكل مؤقت.
تراجع دبلوماسي
وأظهر تقدير موقف حول الحرب على غزة والدبلوماسية الإسرائيلية وسياستها الخارجية والإقليمية، الصادر عن المعهد الإسرائيلي “ميتفيم” المختص بالسياسات الخارجية لإسرائيل والشرق الأوسط، أن “العلميات الحربية في غزة ليست صراعاً محلياً، وذلك على الرغم من أن القتال يدور في منطقة جغرافية محدودة”.
وبحسب تقدير مدير معهد “ميتفيم” نمرود جورن، فإن السياسية الخارجية الإسرائيلية التي كانت مصدومة لم تأخذ بالحسبان في البداية أن هناك خطراً من أن تتحول الحرب في غزة إلى حرب إقليمية، قد يكون لها تداعيات على علاقات إسرائيل الخارجية حول العالم رغم الدعم الأميركي والأوروبي.
ويقول جورن إنه من المهم جداً “معرفة وفهم موقف دول المنطقة تجاه الحرب على غزة والقضية الفلسطينية، وفهم اهتمامات وحساسيات وقدرات كل لاعب ذي صلة، ومعرفة الإجراءات المختلفة التي يتخذها كل منهم”.
ولفت إلى أن الحرب على غزة تتطور مع الأحداث المختلفة، بالإضافة إلى المبادئ التوجيهية للسياسة الخارجية الإسرائيلية التي أخذت بالتراجع قبالة مشاهد الحرب التي تأتي من غزة.
ويضيف “نهاية ومسألة اليوم التالي للحرب ستتشكل بمشاركة كبيرة مع الولايات المتحدة والجهات الفاعلة الإقليمية ودول عربية، بحيث إن إسرائيل لن تكون صاحبة القول الفصل، وهذا تراجع في سياساتها الخارجية الإقليمية وحتى الدولية”.
أميركا اللاتينية منقسمة
وتعتقد الخبيرة في التاريخ الاقتصادي والدولي لأميركا اللاتينية، الدكتورة كلوديا كيدير، أن دول أميركا اللاتينية منقسمة بين إسرائيل والفلسطينيين. وفيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، تميل مواقفهم إلى الانقسام إلى قسمين: حكومات يسارية تدعم الجانب الفلسطيني، وحكومات يمينية تقف إلى جانب إسرائيل.
وتقول كيدير أن أميركا اللاتينية “بعيدة جيوسياسياً عن الشرق الأوسط، لكن الحرب على غزة جعلتها قريبة، فمعظم دول أميركا اللاتينية تضم مجتمعات يهودية وفلسطينية قوية ومؤثرة”.
Source link