متطلبات التشغيل العالية وضعف الـ Optimization ليسا وجهين لعملة واحدة كما تعتقد
[ad_1]
متطلبات التشغيل مُبالغ فيها، الـ Optimization ضعيف، الأداء غير مستقر، مشاكل تقنية هنا وهناك، تجربة تقنية سيئة. لعل هذه إحدى أكثر العبارات رواجاً عند الحديث عن الأداء التقني للألعاب لمعظم الألعاب هذه الأيام، فقد شهد عام 2023 إطلاقات كارثية لبعض ألعاب الـ AAA من كبار المطورين، ومن أهمها Star Wars Jedi: Survivor و Forspoken و The Callisto Protocol، عدا عن بورتات ألعاب مثل Ratchet and Clank: Rift Apart و The Last of Us Part I و Returnal، وكأن عيوب الأداء من بديهيات صناعة الألعاب حالياً!
قد يعزو البعض هذه العيوب لإخفاق المطور في تحسين الـ Optimization الخاص بلعبته فيعمد لرفع متطلبات تشغيل لعبته بهدف إخفاء فشله في استغلال عتاد الأجهزة المتوسطة والاقتصادية، وهو ما يبدو جلياً في ضعف الرسوميات والفيزيائيات، وفي هذه النظرية جانب من الصحة ولكنها ليست مُطلقة، فلا يوجد تلازم بين ارتفاع متطلبات التشغيل وضعف الـ Optimization، أي أنهما ليسا وجهين لعملة واحدة كما قد يعتقد الكثيرون.
يقع الكثيرون في خطأ كبير عندما يخلطون بين ارتفاع متطلبات التشغيل وضعف الـ Optimization، ويثور التساؤل مع عناوين عملاقة أبرزها Starfield، فهذه لعبة بمتطلبات تشغيل عالية جداً، ومنها بطاقة رسوم لا تقل عن GTX 1070-Ti، مع بعض العيوب التقنية، وهو المعتاد من Bethesda، ولكنها تقدم رسوميات مبهرة وفيزيائيات قوية. حدث ذلك مع مراسل Bloomberg عندما سأل تود هاورد قائلاً: “لماذا لم تهتموا بعمل Optimization للحاسب”، فأجابه هاورد ببساطة قائلاً: “أوه.. لقد فعلنا”.
رغم سذاجة السؤال السابق، إلا أنه يفترض أن الـ Optimization أمر بسيط، وكأنه زر سحري يقبع داخل محرك اللعبة ينتظر أن يضغط عليه أحدهم، ولكن المطور يغفل عن الضغط عليه، ولكن لا يمكننا لوم الجماهير عن شيء لم يبذل أحدهم جهداً في توضيحه. يتخذ الـ Optimization أوجه عديدة، ولدينا الكثير من الأمثلة لفشل المطورين فيه تبنيها، ولكن Starfield ليست من بينها، إنها متطلبة بلا شك، ولكنها ليست خالية من الـ Optimization. شتان الفرق بين متطلبات الألعاب والـ Optimization، وهو ما نستعرضه بالتفصيل تالياً.
كيف تبدو اللعبة ضعيفة الـ Optimization؟
علينا النظر للعبة لم تحظ بـ Optimization جيد وقت إطلاقها، ومن أهمها Star Wars Jedi: Survivor، ورغم صقل أدائها بتحديثات لاحقة خلال الأشهر الماضية، إلا أنها ما زالت تحمل في طياتها بعض المشاكل التقنية. أبرز المشاكل التقنية التي عانت منها اللعبة وقت إطلاقها هو استهلاكها المرتفع لوحدة المعالجة المركزية “CPU”، وفي هذا الصدد أوضح مبرمج الأنظمة للعبة Hi-Fi Rush أن صعوبة دعم المسارات المتعددة تتوقف على معمارية محرك الألعاب نفسه، وللأسف يخفق محرك Unreal Engine 4 المُستخدم في تطوير هذه اللعبة في هذه الجزئية.
صُمم محرك Unreal Engine 4 ليعمل على مسارين أساسيين لوحدة المعالجة المركزية “CPU”؛ مسار الألعاب “Game Thread” المُخصص لإنشاء الأشياء والشخصيات، ومسار العرض “Render Thread” المُخصص لإعداد الإطارات تمهيداً لعرضها عبر وحدة المعالجة الرسومية “GPU”، بينما تُخصص المسارات الباقية للمهام البسيطة، وهو أصل المشكلة، حيث قد تؤدي العمليات المعقدة الخاصة بإنشاء الأشياء والعناصر لتعطيل مسار الألعاب لوقت طويل. هنا يحدث ما يُعرف بعنق الزجاجة، حيث ينتظر مسار العرض انتهاء مسار الألعاب من عمله، ويبدأ معدل الإطارات في التساقط والتقطيع.
لحسن الحظ، يمكن للمطورين الالتفاف حول هذه المشكلة عن طريق تخصيص المسارات الباقية للمهام المعقدة وإنشاء بنيات غير متزامنة بحيث لا ينتظر أحد المكونات مكون آخر، وهذا أحد أوجه الـ Optimization. ثمة أوجه أخرى لما يبدو عليه الـ Optimization الجيد، ومنها تجميع الظلال أو ما يُعرف بالـ Shader Compilation، فالتجهيز المُسبق لرسوميات اللعبة يرفع بعض العبء عن وحدة المعالجة المركزية “CPU” ويقلل من استهلاك الذاكرة العشوائية الخاصة بوحدة المعالجة الرسومية “GPU”، وأيضاً معدل التظليل المتغير “VRS” الذي يركز على المناطق الأهم بالمشهد، وأخيراً تعديل مستوى التفاصيل.
الـ Optimization عملية معقدة تبدأ منذ الخطوات التصورية لما ستكون عليه اللعبة وتصل لذروتها أثناء التطوير وتستمر بعد الإطلاق لأشهر وربما لسنوات، وتشير لمدى قدرة اللعبة على استغلال عتاد الأجهزة جيداً أياً كان العتاد والعمل بأفضل شكل ممكن، حيث تعمل اللعبة جيداً مع الأجهزة القوية والضعيفة على حد سواء مع أخذ فارق الجودة ومعدل الإطارات في الحسبان بالتأكيد، لذلك ستجد أن الألعاب ضعيفة الـ Optimization على غرار The Last of Us Part I و The Callisto Protocol تعمل بشكل سيء مهما كان عتاد جهازك قوياً، وكأنك “بترمي في بحر” كما نقول باللهجة المصرية.
قبل أن يعمد أي مطور لتطوير لعبته، يجب أن يضع نصب عينيه بضعة تساؤلات؛ هل ستقدم اللعبة عالماً مفتوحاً؟ ما حجم هذا العالم؟ هل سيكون العالم متشابكاً؟ هذه الأسئلة تعطي انطباعاً عما سيكون عليه أداء اللعبة، ويجب على المطورين أن يقوموا بالموازنة بين تصميم اللعبة وأدائها بحيث يحقق تصوره عن تصميم اللعبة بينما يقدمها بأداء لائق، ولا يُشترط أن يكون الأداء مثالياً وقت إطلاقها، فيمكن صقل أدائها بتحديثات لاحقة من شأنها تحسين الأداء بشكل لا يُستهان به، ومن هذه الألعاب Starfield، فرغم بعض مشاكل الأداء وقت الإطلاق، إلا أنها أبعد ما تكون عن الـ Optimization الضعيف.
أن تكون اللعبة متطلبة لا يعني أنها ضعيفة الـ Optimization
من المهم التأكيد على أن ارتفاع متطلبات التشغيل ليست انعكاساً لضعف الـ Optimization، فقد ذكرنا سابقاً أن Starfield متطلبة تقنياً ولكنها ليست بأي حال من الأحوال ضعيفة الـ Optimization. فور أن تبدأ بتجربة اللعبة، ستفهم ما أعنيه، ولما لا، فإنها تتمتع بتوافقية واسعة مع المعالجات وبطاقات الرسوم، ولا تقع في مشكلة عنق الزجاجة الخاصة بذواكر بطاقات الرسوم الحديثة، كما أنها تدعم مزايا مثل معدل التظليل المتغير “VRS”، وتقوم بالتخزين المؤقت للظلال “Shader Chaching” خلال ثوانٍ معدودة، وأخيراً فإنها مستقرة نسبياً ولا يعتريها سوى القليل من التقطيع خلال بضعة ساعات من اللعب.
من هنا يمكننا القول بكل ثقة أن الألعاب قد تكون مُتطلبة تقنياً ولكن لا مانع أن تكون جيدة الـ Optimization في نفس الوقت. نعود لأداء Starfield، لقد أثارت هذه اللعبة الجدل حول الـ Optimization خاصتها، حيث أنها تستهلك وحدة المعالجة المركزية “CPU” بشكل كبير في المناطق الكثيفة مثل مدينة New Atlantis، وهنا اختار المطور التصميم على حساب الأداء. بالتأكيد يمكن حل هذه المشكلة عبر التحديثات، ولكنها ليست مشكلة كارثية، فلا تؤثر إلا على جزء صغير مما ستفعله داخل اللعبة، فاستكشاف الكواكب يشغل جزءً كبيراً من التجربة.
لا أريد أن أرفع سقف توقعاتك بشأن أداء اللعبة إن لم يسبق لك تجربتها، فلا يُضرب بها المثل في الـ Optimization بأي حال، فأداؤها ليس ممتازاً وليس كارثياً، وإنما هو جيد بما فيه الكفاية لتختيم اللعبة واستكشاف جميع كواكبها، كما أنها تتجنب الكثير معظم كوارث أداء الألعاب الأخرى. أما عن الأشخاص الذين يدعون بأن أداء Starfield كارثياً، فلديهم عذرهم إن لم يجربوا The Last of Us Part I ذات تجميع الظلال “Shader Compilation” الذي كان يستغرق ساعة، و Star Wars Jedi: Survivor ذات الأداء غير المستقر والمتقطع.
ما أريد قوله أن متطلبات Starfield العالية لها ما يبررها، فالغرض منها ليس إخفاء ضعف الـ Optimization كما قد يتوهم البعض، وإنما الغرض منها توفير تجربة تدفع الصناعة للأمام. لا تبخل اللعبة بتقديم تجربة رسومية وفيزيائية واعدة. انظر لواقعية نماذج الأشياء ومنها البصل الذي تصدر العناوين لدرجة دفعت أحد المواقع لوصف اللعبة بأنها “تحفة فنية فيما يتعلق بالبصل”! وشاهد دقة فيزيائات الآلاف من حبات البطاطس أثناء تدحرجها بسلاسة منقطعة النظير، وراقب تفاعل العشرات من الـNPCs في نفس الوقت، وستدرك حتماً أن Starfield ثورية تقنياً.
مجدداً، لا يتعارض وصف Starfield بأنها ثورية تقنياً مع حقيقة افتقارها لبعض مزايا الألعاب عبر الحاسب مثل شريط مجال الرؤية “FOV Slider” وتقنية HDR. أيضاً، من العجيب ألا تدعم لعبة ضخمة مثل هذه تقنية التعلم العميق DLSS، وقد يرد أحدهم بأنها داعمة لتقنية FSR، ولكنها للأسف ما زالت غير ناضجة فيما يتعلق بالجودة والأداء مقارنةً بنظيرتها، ومن الجدير بالذكر أن اللعبة تعمل مع معالجات وبطاقات رسوم AMD بشكل أفضل من عتاد Nvidia و Intel خصوصاً وقت إطلاقها، ويرجع ذلك لشراكة Bethesda الحصرية مع AMD.
الخلاصة
لا يتعلق الأمر بـ Starfield وحدها، وإنما بأي لعبة تختلط فيها المتطلبات بالـ Optimization، خصوصاً تلك التي تم تطويرها بواسطة محرك Unreal Engine 4 مثل Star Wars Jedi: Survivor. من المهم حقاً التمييز بين الألعاب المتطلبة مثل Starfield والألعاب ضعيفة الـ Optimization مثل The Last of Us Part I. أيضاً، تجدر ملاحظة أن متطلبات الألعاب ستأخذ في الارتفاع وسيكون أمراً عادياً أن نرى ألعاباً تتطلب بطاقات رسوم حديثة لتعمل بشكل جيد خصوصاً ألعاب الجيل الجديد، لذلك يجب ألا نحكم عليها بضعف الـ Optimization إلا إذا كانت متطلباتها عالية بالنسبة للتقنيات المدعومة.
Source link