من وراء الحُجب.. هكذا دفع فقراء الهند ثمن قمة العشرين | سياسة
[ad_1]
مراسلو الجزيرة نت
نيودلهي – مدينة نظيفة وجميلة بلا أكواخ وبدون فقراء ولا شحاذين أو حيوانات هائمة في الشوارع، هذا ما شاهده زعماء العالم في أثناء انتقالهم من المطار إلى مقر انعقاد قمة مجموعة العشرين في العاصمة الهندية، لكن تلك الصورة الوردية أخفت وراءها واقعا مأساويا لفقراء العاصمة ومن ورائهم ملايين الفقراء في ربوع البلاد.
تحت شعار “مهرجان الشعب”، حضر زعماء العالم قمة مجموعة العشرين، لكن الشعب نفسه كان مغيبا، إذ دفع مئات الألوف من فقراء العاصمة الهندية ثمنا باهظا لتقديم هذه الصورة الجميلة للضيوف، فخلال الأشهر الأخيرة هدمت السلطات آلاف المنازل والأكواخ، كما أخفت الأحياء الفقيرة خلف جدران من الصفيح أو القماش أو لوحات عملاقة على الأرصفة.
وفرضت السلطات حظر التجول في العاصمة لمدة 3 أيام، أغلقت خلالها المتاجر والمكاتب والمؤسسات التجارية والمدارس والجامعات، وحظرت على سكان الأحياء الفقيرة الخروج من أحيائهم خلال هذه المدة.
هذا الحظر فاقم معاناة الفقراء اقتصاديا، فأغلبهم يعتمد على كسب قوت يومه من العمل اليومي في المهن المختلفة أو المحال الصغيرة التي حجبتها السواتر قبل شهر من موعد القمة، وأخبرتهم قوات الشرطة المتمركزة أمام منازلهم أن هذه القيود ستستمر حتى يوم 15 سبتمبر/أيلول الجاري.
وفى نويدا إحدى ضواحي دلهي، حيث تحجب ستائر القماش الأحياء الفقيرة خلفها، قال أحد أصحاب المحال الصغيرة “لقد تم تغييبنا، ومن ثم لا يأتي الزبائن كما كان الأمر في الماضي”.
وقال أحد سكان منطقة فقيرة تسمى “كولى كامب”، في منطقة “فسنت فيهار” الراقية والقريبة من مطار العاصمة، إن “الحكومة لا تريد أن يرى الضيوف فقراء الهند، وذلك لكي يعودوا بانطباع أن الهند بلاد الأغنياء”.
كما نقلت الحكومة الهندية نحو 4 آلاف شخص يعيشون تحت الجسور وعلى الأرصفة إلى ملاجئ الفقراء، التي تخلو هي الأخرى من أي تسهيلات.
هدم منازل 100 ألف شخص
وأبريل/نيسان الماضي، جرت كبرى عمليات الهدم في العاصمة الهندية، حيث هُدمت بيوت أكثر من 100 ألف شخص، كثير منهم لا يستطيعون استئجار منازل أخرى، مما اضطرهم إلى افتراش الخيام ومواجهة الأمطار وحرارة الشمس.
ويعد “جَنْتا كامب” من الأحياء المهدمة في العاصمة، التي يعيش سكانها الآن في خيام، وهناك تقول سيدة من السكان “يريدون تجميل هذه المناطق، لكن التجميل لا يتم بإزالة الفقراء”.
وعلى إثر عمليات الهدم وحظر التجول، اضطر آلاف الفقراء للرحيل إلى قراهم خلال هذه الفترة، مما أعاد إلى الأذهان ذكريات ما جرى بسبب الإغلاق التام في أثناء جائحة كورونا.
وقبل بدء عمليات الهدم، توجه بعض سكان الأحياء المطلوب هدمها إلى المحكمة العليا، لكن لم يحصلوا على مرادهم منها، وواصلت السلطات عمليات الهدم في أكثر من 10 أماكن خلال الشهور الستة الماضية استعدادا لقمة العشرين.
حجة الترخيص
هدمت السلطات منازل الفقراء وأكواخهم بحجة أنها “غير مرخصة”، رغم أن بعضها قائم منذ عشرات السنين، وهو ما أثار اعتراض البعض بالقول إن “الحكومة أفاقت فقط لهذه الحقيقة قبيل قمة العشرين، في حين أن غالبية بيوت العاصمة غير مرخصة، لكن السلطات تتغاضى عن أحياء الأغنياء وتهدم أحياء الفقراء”.
ويبلغ تعداد سكان دلهي 16 مليون، منهم نحو 23% لديهم منازل مرخصة ومبنية وفق خطط هندسية معمارية، وهو ما أكدته تصريحات لمسؤولين قبل عامين بشأن 12.5 مليون هندي يعيشون في العاصمة داخل أحياء غير مرخصة، وهو ما أكده أيضا أرفيند كيجريو رئيس وزراء ولاية دلهي أن 70% من منازل دلهي غير مرخصة، وفق تصريحات سابقة.
الهدم والنقل لا يتعلق فقط بالمنازل، بل أيضا بكسب لقمة العيش، فوجود الأحياء الفقيرة قرب المناطق الراقية مكّن الفقراء -خاصة النساء- من العمل في منازل الأغنياء، كما وجد الرجال فرصا للعمل في المحال التجارية الكبرى والمصانع والشركات أو حراسة المنازل والمتاجر، أو إقامة محال صغيرة على الأرصفة، كما تمكن أولادهم من الدراسة في المدارس القريبة، وهو ما يتخوف الفقراء من غيابه في الضواحي الجديدة.
أيام قليلة وتنتهي قمة مجموعة العشرين، ويعود الزعماء إلى المطار مرورا بالمناظر الجميلة للعاصمة الهندية، فهل تستغل السلطات الفرصة وتواصل الحفاظ على الصورة الوردية للعاصمة وتحجب خلفها الفقراء، أم أن الأمور ستعود سيرتها الأولى، ويخرج الفقراء من وراء الحجب؟
Source link