بعد 3 عقود على الاتفاقية.. وثائق سرية تكشف موقف قادة إسرائيل من أوسلو | سياسة
[ad_1]
القدس المحتلة- بمناسبة ذكرى مرور 30 سنة على توقيع اتفاقية أوسلو التي توافق يوم 13 سبتمبر/أيلول الحالي، نشر أرشيف الدولة الإسرائيلي محضر جلسة الحكومة برئاسة إسحاق رابين، التي عقدت يوم 30 أغسطس/آب 1993، وتم خلالها المصادقة على الاتفاقية التي وُقعت مع منظمة التحرير الفلسطينية برئاسة ياسر عرفات.
ورفعت السرية عن أجزاء من بروتوكول الجلسة الحكومية، في حين تم حجب أجزاء من النص بسبب “أمن الدولة”، إذ سيتم نشر بعضها خلال 20 سنة (أي بعد 50 سنة من تاريخ الاتفاقية)، وأجزاء أخرى خلال 60 سنة (أي بعد 90 سنة من تاريخ الاتفاقية).
استبعاد المؤسسة العسكرية
كشف بروتوكول الجلسة عن دعم 16 وزيرا الاتفاقية، في حين امتنع اثنان من الوزراء عن التصويت، وذلك قبل أسبوعين من توقيعها، وتمحورت مناقشات الوزراء حول تفاصيل الاتفاقية وصياغة مختلف بنودها والمخاوف من عدم التزام الجانب الفلسطيني.
واستعرض الوزراء وقادة المنظومة الأمنية والجيش سيناريوهات مختلفة في حال لم تقدم الاتفاقية أجوبة للمطالب الإسرائيلية، في حين رافقت المناقشات مخاوف من قيام معسكر اليمين الإسرائيلي -الذي عارض الاتفاقية- بإجراءات وخطوات وأعمال وصفوها بـ”غير مشروعة”.
ويستدل من مناقشات الجلسة أن الحكومة لم تُشرك المؤسسة العسكرية والجيش في جميع الخطوات والتفاصيل التي مهدت إلى “إعلان المبادئ” والتوقيع على اتفاقية أوسلو، وهو ما عبر عنه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي حينئذ إيهود باراك، الذي حذر من سيناريو مستقبلي بتصاعد المقاومة وتعاظم قوة حماس في الضفة، وعجز المنظومة الأمنية عن توفير الحماية للمستوطنين.
رابين غير واثق
أوضح رئيس الوزراء وقتها إسحاق رابين خلال الجلسة أن “هذا ليس اتفاقا سهلا”، وتنبأ بالاتفاقات والسيناريوهات ومستقبل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي في بداية كلامه، وقال بطريقة مبتذلة “كل اتفاقية حكم ذاتي كانت معقدة بسبب الظروف، ليس في صياغتها، ولكن في كيفية ترجمتها على أرض الواقع، في واقع معقد”.
وأضاف “لو أجرينا المفاوضات مع أنفسنا، أنا متأكد من أن الصياغة كانت ستكون كذلك، لربما كان الوضع أفضل بكثير، لكن هناك عبارات وصياغات بالاتفاقية غير مقبولة، أتكلم بحذر، يجب علينا أن نرى جميع المكونات المختلفة في رؤية أكثر شمولا بكثير”.
كان واضحا أن رابين لا يثق بالجانب الفلسطيني، وشكك في قدرته على الالتزام بالاتفاقية، مستبعدا أن يتنازل الطرف الآخر عن الكفاح المسلح، ومع ذلك قام بالخطوة، معتبرا أن إسرائيل تقدم تنازلات بموجب الاتفاقية أكثر مما تحصل عليه من الجانب الفلسطيني.
وتساءل رابين “ما البدائل المتاحة لنا؟ الذهاب مع السوريين؟ وهو المسار الذي لم يتقرر بعد في هذه المرحلة، ربما يتم ذلك في المستقبل. وهناك القضية الفلسطينية، التي من الواضح أن توقيع الاتفاقية معهم ترتيب مؤقت، رغم أن الاتفاقية غير بسيطة وغير مريحة بالنسبة لإسرائيل”.
في مرحلة ما من المناقشة، حاول رابين أن يوضح بالتفصيل مدى تعقيد الوضع الجديد بقوله “أيها الوزراء، العمل معقد للغاية. الواقع ليست له حلول سلسة، لأن الحكم الذاتي فكرة معقدة، تم اختراعها عندما لم يكن هناك أي استيطان يهودي تقريبا بالضفة، الاستيطان، خاصة في المناطق المكتظة بالسكان الفلسطينيين، أدى إلى تعقيد الحياة”.
بيريز والمشروع الاستيطاني
في المقابل، من أجل تبرير ضرورة وأهمية مثل هذه الاتفاقية لإسرائيل، حذر وزير الخارجية وقتها شيمون بيريز من احتمال سيطرة إيران على الضفة، قائلا “يجب أن أقول إن هناك احتمالا بأن ينهار عمل منظمة التحرير الفلسطينية برمته، وستكون الضفة إيرانية بسيطرة تامة من قبل حماس”.
وأضاف بيريز “علينا أن نكون حذرين أيضا. أنا ببساطة لا أرى بديلا في الشارع العربي، مع كل عيوبه، أفضل من الائتلاف الحالي الموجود” في إشارة إلى منظمة التحرير الفلسطينية، متابعا “لنفرض أن منظمة التحرير انهارت واختفت.. مع من ستتحدث إسرائيل؟ وعلى ماذا سنفاوض الجانب الفلسطيني؟ أصلا، مع من ستتفاوض إسرائيل؟”.
أظهر بيريز خلال جلسة الحكومة دعمه للمشروع الاستيطاني، إذ عارض إخلاء المستوطنات من الضفة أو قطاع غزة، مشددا على ضرورة بقاء المشروع الاستيطاني وعارض تقليصه أو إخلاء أي مستوطنات.
وقال “إننا في الاتفاقية لم نتنازل عن أي أرض من أرض إسرائيل، لقد حافظنا على القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، لم نخل المستوطنات، كما أننا ضمنا الأمن القومي لإسرائيل”.
درعي والخطر الأمني
وإذا كان رئيس الوزراء رابين -الذي قاد هذه الخطوة- لم يتمكن من إخفاء الشكوك لديه، فإن الأمر بالنسبة للمشاركين الآخرين في الجلسة الحكومية كان أكثر وضوحا وتفصيلا، فوزير الداخلية أرييه درعي، الذي امتنع عن التصويت، أوضح للحاضرين أنه “من الصعب جدا بالنسبة لي أن أتحدث. كنت بحاجة إلى قوات أمنية خاصة للحراسة ولحضور جلسة الحكومة”.
وأضاف درعي -وهو من قيادات حزب “شاس” الحريدي- “آمل أن يفهم الوزراء ذلك. أعتقد أنه في أوساط الجمهور الذي نمثله، وهو يميني تماما، بالنسبة له فإن أرض إسرائيل ونابلس والخليل وغيرها من الأماكن ذات أهمية عاطفية بالنسبة له، ويصعب على الجمهور تقبل أوسلو والتنازل عن الأراضي”.
لكن في ما يتعلق بالمسألة الأمنية على وجه التحديد، بدا درعي مختلفا، فقال “أوافق على أن المشكلة الفلسطينية هي مشكلة سياسية صعبة للغاية، لكنني لم أفهم لماذا تشكل خطرا أمنيا على دولة إسرائيل. الخطر الأمني هو سوريا، وليس الدولة الفلسطينية”.
وتابع درعي “نضع أكثر من 100 ألف مستوطن يهودي في الضفة، ننكر حقيقة أننا اليوم لا نعرف كيف نعطي إجابة لسلامة هؤلاء اليهود. وبصرف النظر عن المشكلة العاطفية المتمثلة في التخلي عن الأرض، هناك مشكلة وجودية محورها الجانب التوراتي”.
معارضة باراك
في الجانب الأمني، بدا رئيس الأركان باراك أكثر وضوحا حين استبعد أن توفّر اتفاقية أوسلو الأمن لإسرائيل، وحذر من إمكانية عجز الجيش الإسرائيلي عن توفير الأمن والأمان للمستوطنين.
وقال باراك إنه “من الانطباع الأولي فقط، ألاحظ مشاكل خطيرة للغاية في تنفيذ العنصر الأمني ضمن هذا الاتفاق، سواء في… مرحلة غزة أو أريحا أو في المرحلة الأبعد أو المستقبل البعيد”.
وقلل من سيناريو التعاون الوثيق بين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية والمنظمات الأمنية والشرطة الفلسطينية، إذ توقع رئيس الأركان تعاونا محدودا في المجال الأمني مع الجانب الفلسطيني.
وقدّر باراك أن الاتفاقية ستؤدي إلى ظهور فصائل وعناصر فلسطينية أكثر تطرفا ستسعى لإحباط الاتفاقية، كما أكد أن الجيش سيجد صعوبات في توفير الأمن والحراسة للمستوطنين خلال تنقلهم بالضفة.
وهنا بدأ باراك يتحدث عن خيارات وسيناريوهات أخرى، وكلها ممنوعة من النشر لمدة 60 عاما أخرى، ثم اختتم قائلا “هذه ليست مشكلة بسيطة، كلما تعمقنا فيها وبحثنا عن جوانبها المختلفة، نرى أن الشكل الحالي للاتفاقية لا يمكن أن ينفذ، لأن صياغة البنود هو الركيزة الأساسية لقدرتنا الحالية على محاربة الإرهاب في الضفة الغربية وغزة”.
Source link