تعديلات “ثورية” تثير الجدل.. هل تبقى كرة القدم الرياضة الأكثر شعبية؟
[ad_1]
حسمت دراسة أجراها الفيفا الجدل منذ أكثر من 15 عامًا، بأن الصينيين هم أول من لعب كرة القدم بطريقة جماعية، ما يعني أنهم من ابتكر اللعبة الشعبية التي تُعد “الرقم 1” في العالم حاليًا.
لكن الرياضة التي تمارس اليوم مرت بمراحل عديدة، وظلّت تتغير وتتطور لتواكب العصر فتحافظ على أكبر قدر من المتعة لدى اللاعبين والجمهور.
فمع مرور الوقت راحت تظهر أسئلة خطيرة جدًا من قبيل ما إذا كانت كرة القدم ما تزال لعبة ممتعة.
فالجيل الجديد ومع إيقاع حياته السريع، هل سيخصّص 90 دقيقة من يومه ليشاهد مباراة يحتمل أن تنتهي بالتعادل السلبي؟
أما السؤال الأهم فهو ما إذا كانت كرة القدم ستبقى، في ظل التطور والتقدم في كل المجالات، اللعبة الشعبية رقم 1 على مستوى العالم؟
هذه الأسئلة يناقشها اليوتيوبر محمد أبو زيد (الكوير) بأسلوبه الخاص في برنامج “مع الكوير”، الذي يُعرض حصريًا على منصّات “العربي” الرقمية، ويختصّ بالقضايا المتعلقة بكرة القدم وتقاطعها مع القضايا السياسية والاقتصادية والثقافية والفنية.
الصين وبدايات كرة القدم
بالعودة إلى الصين في القرن الثاني قبل الميلاد، وتحديدًا في حقبة الامبراطور هان، كان جنود الإمبراطورية يجتمعون في واحدة من ساحات القتال للعب.
كانوا ينقسمون إلى فريقين يتألف كل منهما من 6 لاعبين يقومون بركل كرة من الجلد محشوة بالريش وفراء الحيوانات، ضمن لعبة عُرفت باسم “الكوجو” وتألّفت من مرمى واحد فقط يقع في وسط الملعب.
وكان الفريق الفائز يحظى بمكافأة على شكل وليمة طعام، في حين يواجه الخاسر عقوبات قد تصل إلى حد الجلد.
إلى ذلك، كان مفهوم ركل الكرة بالرجل واضحًا في الكثير من الحضارات، فاليابانيون ابتكروا لعبة أسموها “كيماري“، واليونانيون القدامى استخدموا كرة منفوخة من مثانة الخنزير لتقوية أجساد محاربيهم في لعبة أسموها “ابسكيروس“.
أما النسخة الرومانية فكان اسمها “هارباستوم“، وصولًا إلى الإنكليز في القرون الوسطى الذين مارسوا لعبة أسموها “رأس الرجل الدنماركي” حيث كانوا “يلعبون” برأس أحد القادة الغزاه من الفايكينغ بعد قتله.
وبالتأكيد، تبقى كل تلك الألعاب بعيدة كل البعد عن الكرة التي نعرفها اليوم بالشكل الذي بلغته مع التطور وصحوة العلم في عصر الثورة الصناعية في إنكلترا وما أحدثته من تغيير على الصعيدين الثقافي والاجتماعي.
فالباحث الألماني ماكس فييبر يشير في كتابه إلى أن “كرة القدم، قصة ثقافة“. والناس في ذلك الوقت نزحوا بالآلاف من الأرياف وعاشوا في مجتمعات داخل مدن كانت تحتاج إلى الترفيه لتخفيف ضغط نظام المعيشة الجديد.
أقدم فريق لكرة القدم
وفي هذه الأجواء، راودت صديقين إنكليزيين فكرة عبقرية وهي تأسيس فريق كرة قدم باسم نادي شيفليد.
كان ذلك في 24 أكتوبر/ تشرين الأول 1857، وقد عُد النادي بحسب وثائق الفيفا أقدم فريق لكرة القدم في العالم.
وتنبع أهمية الخطوة في كونها جاءت مع محاولة لوضع قواعد للعبة بشكل جديد؛ سُميت في ما بعد بـ”قوانين شيفيلد“، التي لم تكن الأولى في البلاد.
فمن قبلها وضعت جامعة كامبريدج – على سبيل المثال – ضوابط مبدئية لكرة القدم في العام 1846، تمثلت في 11 بندًا لتنظيم المباريات بين مختلف المدارس العامة والجامعات التي كانت المكان الأساسي الذي تمارس فيه كرة القدم.
لكن أهمية قواعد شيفيلد ظهرت في محاولة تنظيم اللعبة بشكل أكثر جاذبية، وإدخالها أفكارًا ثورية على نظام كرة القدم مثل الركلة الحرة غير المباشرة والركلة الركنية.
مع ذلك، بدأت العيوب والنواقص تظهر بالممارسة. وكانت كرة القدم أشبه برياضة الرغبي، وتختلف قوانين ممارستها بين المدن والأقاليم.
على الأثر، برز اسم ايبنيزر كوب مورلي، وهو محامٍ إنكليزي شاب مولع بالرياضة، وجّه رسالة إلى إحدى الصحف المحلية شرح فيها وجهة نظره والقواعد التي يرى أنها قد تكون في صالح اللعبة.
في بادئ الأمر، اصطدمت دعواته برفض شديد، لكن رسالته دفعت 12 ناديًا إنكليزيًا إلى الاجتماع في واحدة من حانات مدينة هولبورن الإنكليزية بتاريخ 26 أكتوبر/ تشرين الأول 1863.
كانت النقاشات حامية حول ماهية اللعبة. وبينما تمسك كل طرف برأيه وبفرضه على الآخرين، إلا أنهم أجمعوا على تنفيذ عدة مفاهيم والبدء في توحيد القواعد وتأسيس الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم ليكون بمثابة مظلة تنظم عمل الأندية يرأسه ليبنيرز نفسه.
إلى ذلك، شهدت كرة القدم انتشارًا رهيبًا على مستوى العالم ووصلت إلى جميع أنحائه تقريبًا. فعمدت كل دولة إلى إنشاء اتحاد محلي وتنظيم مسابقاتها الخاصة. فتمثلت الخطوة المثالية في ظهور اتحاد دولي يجمع الكل تحت راية واحدة.
تأسيس إمبراطورية “الفيفا”
هكذا تأسس الاتحاد الدولي لكرة القدم في 21 مايو/ أيار 1904 مع 7 دول فقط هي: فرنسا وهولندا وبلجيكيا وإسبانيا والسويد وسويسرا والدنمارك، بغياب لافت للإنكليز الذين رفضوا بداية الخضوع للكيان الجديد.
والفيفا التي باتت تُعد واحدة من أكبر الإمبراطوريات الاقتصادية في العالم، تضم اليوم تحت رايتها 211 دولة مع ميزانية سنوية تتجاوز 7.5 مليارات دولار.
وعلى طول الخط، ظلت شعبية كرة القدم في ازدياد جنوني، حيث يدخل الملايين أسبوعيًا إلى الملاعب لمتابعة أنديتهم المفضلة.
وتقدّر بعض الإحصائيات عدد متابعي وممارسي اللعبة بـ4 مليارات شخص، أي ما يوازي نصف سكان الكرة الأرضية.
إلى ذلك، تحوّلت كرة القدم إلى نشاط اقتصادي له سوقه الخاص وميزانيته وتنظيمه المالي والإداري، ولا سيما مع دخول الرأسمالية على اللعبة.
فالأندية التي بدأت على شكل فرق هواة وتألّفت من مجموعة من العاملين، باتت قيمتها تحلّق في عالم الأرقام الفلكية.
كما أن اللاعبين يُباعون بالملايين في صفقات قياسية وفترات خاصة بالانتقالات. وقد تحوّل عدد منهم إلى ماركات تجارية مسجلة، ولم يعد لعب كرة القدم مصدر دخلهم الوحيد.
كما ظهرت على الساحة مصطلحات جديدة على غرار عقود الرعاية والإعلانات وحقوق البث التلفزيوني.
حتى أن المسابقات الكروية باتت تحقق أرباحًا قياسية، فمونديال قطر 2022 على سبيل المثال حقق أرباحًا فلكية تقارب 17 مليار دولار.
جدل التغييرات في كرة القدم
غير أن كل محاولات التغيير المتتالية التي تشهدها كرة القدم أثارت جدلًا حول مدى تأثيرها على جوهر اللعبة، علمًا أن من يُشرف على تعديلات القوانين هو مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم أو الـIFAB، الذي تأسّس عام 1886.
وقد يحتاج التعديل سنوات لدراسة المشاريع وتجربتها في عدد من البطولات قبل إقراره من جانب الفيفا بشكل رسمي.
وكان المجلس حريصًا دائمًا على مراقبة التطور الذي يحصل في العالم والذوق العام لينفذ تغييراته وتعديلاته بناء على ذلك التطور.
لذا شاهدنا دخول التطور التكنولوجي الكبير في كرة القدم بدءًا من العام 2012، عندما تم إقرار تقنية خط المرمى أو الغول لاين تكنولوجي، عقب الضجة التي أثيرت بسبب هدف فرانك لامبارد غير المحتسب في مرمى ألمانيا في كأس العالم 2010.
وفي العام 2018، كانت المرة الأولى التي تستخدم فيها تقنية “الفار”، حيث راح الحكم يستعين بطاقم حكام خلف الشاشات ليتأكد من صحة القرارات الجدلية المؤثرة، مع فرصة مراجعة اللقطة عن طريق الفيديو داخل الملعب.
كما كان لمونديال قطر 2022 نصيب من المزيد من التدخل التكنولوجي في اللعبة عبر تقنية التسلل شبه الآلية، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي بخوارزمياته المعقدة لدراسة مسارات الكرة لحظة خروجها من رجل اللاعب ومقارنتها بمكان زميله ومدى شرعية موقفه.
وقد ساعدت كل هذه التعديلات الثورية على تقليل الأخطاء واتخاذ الحكام لقرارات صحيحة، غير أن البعض يعتقد أنها قتلت متعة كرة القدم.
أشخاص ينتمون “للمدرسة القديمة” يرون أن أخطاء الحكام جزء من اللعبة ومتعتها، وأن الأخطاء ما زالت موجودة حتى بعد كل التدخلات التكنولوجية.
إلى ذلك، جاء رئيس لجنة التطوير في الفيفا أرسين فينغر بأفكار غريبة قد تهدم أسس كرة القدم التي عرفناها، فهو يطالب على سبيل المثال بإلغاء رميات التماس لتلعب بالرجل.
دعوات أخرى أكثر غرابة تدعو إلى جعل وقت المباراة 60 دقيقة بسبب تضييع الوقت المبالغ فيه، إلى حد أنها أصبحت مملة لقطاع كبير من الجمهور.
ومن الأفكار المتطرفة إلى حد ما وتحاول استمالة الجيل الجديد وجذب اهتمامه، كانت تلك التي خرج بها أسطورة برشلونة السابق جيرارد بيكيه الذي أقام دوري الملوك العام الماضي، مع قواعد جديدة تجمع العالم الإلكتروني وكرة القدم بشكلها الحالي.
فكانت أغلب قواعدها مستوحاة من رياضات وألعاب أخرى، حيث مدة المباراة 40 دقيقة، مع ركلة بداية أشبه بالمتعارف عليه في كرة الماء حيث يتسابق اللاعبون للاستحواذ على الكرة في وسط الملعب…
وقد نجح بيكيه من خلال علاقاته أن يستقطب بعض صناع المحتوى والنجوم السابقين على غرار كاسياس ونشيتشاريتو. وقد حققت المسابقة نجاحًا كبيرًا بعد الترويج لها على منصة رقمية شهيرة وأقام النهائي على ملعب كامب نو.
Source link