أخبار العالم

لماذا تأخرت إسرائيل في دخول غزة بريا إلى الآن؟

[ad_1]

مرت أكثر من ثلاثة أسابيع على عملية “طوفان الأقصى”، ورغم أن دولة الاحتلال الإسرائيلي حشدت مئات الآلاف من الجنود على حدود غزة، فإن هذه القوات لا تزال تنتظر قرارا نهائيا بالدخول، هذا التأخير له أسباب عدة، بعضها سياسي بالطبع، والبعض الآخر يتعلق بالأسرى الذين تحتفظ بهم حماس، وهي نقطة ضغط قوية لا شك، لكن البعض الآخر يتعلق بمخاوف إسرائيلية مما يمكن أن يحدث لقوات الاحتلال خلال هذا الهجوم البري، وهو ما ظهرت بوادره في التوغلات المحدودة التي شنها الاحتلال خلال الأيام الماضية.

 

في تقرير سابق بعنوان: “حرب الأفخاخ”.. ما الذي ينتظر جيش الاحتلال الإسرائيلي إذا دخل غزة؟، تبيّن لنا كيف أن المقاومة الفلسطينية منذ حرب غزة 2014 قد تمكنت من تطوير أدواتها وخبراتها بشكل من المتوقع أنه سيسمح لها بإيقاع خسائر كبيرة في صفوف وعتاد جيش دولة الاحتلال الإسرائيلي في أي مواجهة برية حضرية، وخاصة بعد عملية طوفان الأقصى التي أوضحت قدر التطور العملياتي والاستخباراتي لدى فصائل المقاومة وتحديدا حركة حماس.

 

كل شيء محتمل

An Israeli soldier rests his head on an artillery gun barrel of an armoured vehicle as Israeli soldiers take positions near the border with Gaza in southern Israel on October 9, 2023. Stunned by the unprecedented assault on its territory, a grieving Israel has counted over 700 dead and launched a withering barrage of strikes on Gaza that have raised the death toll there to 493 according to Palestinian officials. (Photo by JACK GUEZ / AFP)
الجندي الإسرائيلي ببساطة غير متجهز كفاية لحرب برية الآن، وهو رغم ذلك مدفوع إليها دفعا. (الصورة: الفرنسية)

لهذا السبب (من ضمن أسباب أخرى) فإن القوات الجوية الإسرائيلية تُغرق غزة بالصواريخ والقنابل من الجو، ليس من أجل استهداف أماكن تمركز المقاومة كما تدّعي، ولكن لإحداث أكبر قدر ممكن من الخسائر في أرواح الفلسطينيين العُزَّل للضغط على حماس وإضعاف عزيمة مقاتليها.

 

في غاراتها على غزة، استخدمت دولة الاحتلال بكثافة القنابل الذكية من النوع المُسمى1 “ذخيرة الهجوم المباشر المشترك” المعروفة اختصارا باسم “جدام” (JDAM)، وهي عبارة عن حزمة أدوات توجيهية تحول القنابل غير الموجهة إلى ذخائر موجهة بدقة وذكية، وذلك عن طريق إضافة نظام ملاحة بالقصور الذاتي يعتمد على نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) وزعانف تحكم. ويسمح نظام “جدام” للطائرات بإيصال القنابل بدقة إلى أهداف محددة، حتى في الظروف الجوية السيئة أو البيئات الصعبة. ويمكن إطلاقها من ارتفاعات متوسطة وعالية وتظل تحتفظ بدقتها. يعني ذلك أن استهداف مبانٍ مثل المستشفى المعمداني من الصعب أن يكون مجرد خطأ، بل هو متعمد.

The Mediterranean Sea - Aviation Ordnancemen assigned to 'The Swordsmen' of Fighter Squadron Thirty Two (VF-32) transfer 2,000-lb. Joint Directional Attack Munition (JDAMs) for uploading to an F-14B Tomcat fighter aircraft. JDAMs are guidance kits that convert existing unguided bombs into precision-guided 'smart' munitions. The tail section contains an inertial navigational system (INS) and a global positioning system (GPS). A JDAM improves the accuracy of unguided bombs in any weather condition. - 21 MAR
“ذخيرة الهجوم المباشر المشترك” (JDAM). (الصورة: شترستوك)

إلى جانب ذلك، بِتنا نعرف الآن أن تركيز الجيش الإسرائيلي على التكنولوجيا2 العالية دفع صناع السياسات وكبار الضباط إلى الوقوع ضحية للوهم القائل إن التكنولوجيا فقط كافية لضمان التفوق في أي مواجهة، لأن التكنولوجيا بطبعها دفاعية، والتركيز عليها أدى إلى ضمور مهارات مهمة، مثل القدرة على إجراء عمليات أسلحة مشتركة معقدة عند الهجوم، وبدلا من الاستعداد للحروب المستقبلية، كان جيش الاحتلال مشغولا بمراقبة الضفة الغربية وغزة وقمع الفلسطينيين العزل، ظنا منه أنه لن يكون هناك أي حاجة إلى مواجهة برية قريبة.

 

الجندي الإسرائيلي ببساطة غير متجهز كفاية لحرب برية الآن، وهو رغم ذلك مدفوع إليها دفعا، ولأن قدرات حماس في تصوير مهامها ونشرها عبر وسائل الإعلام قد ارتفعت وباتت أكثر احترافية، فإن رجال السياسة وجنرالات الحرب الإسرائيليين لا بد أنهم خائفون من أن تُبث هزائمهم أمام مرأى ومسمع العالم، وتتحول إلى فضيحة جديدة لدولة تُصدِّر نفسها على أنها الأقوى على الإطلاق في المنطقة. إنها مشكلة الحرب الأزلية: الآلة لا تنتصر وحدها أبدا، على الأقل إلى لحظة كتابة هذه الكلمات.

 

حرب متعددة الجبهات

EDITORS NOTE: Graphic content / Flares are fired from northern Israel over the southern Lebanese border village of Aita al-Shaab, on October 28,2023. Nearly 29,000 people have been displaced in Lebanon amid deadly exchanges between Iran-backed Hezbollah fighters and the Israeli army, a United Nations agency said on October 27. (Photo by FADEL SENNA / AFP)
الجيش الإسرائيلي ربما يستعد بالفعل لـ”حملة على ثلاث جبهات”، ستكون القوات الإسرائيلية في موقف هجومي في اثنتين منها، وهما غزة ولبنان، بينما في سوريا ستكون في موقف دفاعي. (الصورة: الفرنسية)

هناك سياق آخر للأمر، وهو انتظار الدعم من الولايات المتحدة الأميركية، التي أرسلت حاملتَيْ طائرات هما الأثقل على الإطلاق في ترسانتها البحرية، “يو إس إس دوايت آيزنهاور” و”يو إس إس جيرالد فورد”، وكلتاهما يمكنها استيعاب نحو 75 طائرة عسكرية مقاتلة، بما في ذلك “إف-35″، لم يكن ذلك فقط لدعم دولة الاحتلال، لكن بالطبع هناك رغبة في تحديد المعركة البرية داخل غزة، لتكون فقط داخل غزة، ولا تتطور إلى حرب متعددة الجبهات.

 

في الواقع، إن أصواتا عدة داخل جيش الاحتلال الإسرائيلي تتبنى مخاوف متزايدة بشأن احتمالات التصعيد الأفقي، أي فتح جبهات متعددة في الوقت نفسه مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، وما يبدأ في غزة فلا بد أنه في إحدى المراحل سيُفعِّل اشتباكات في الضفة الغربية وجنوب لبنان ومرتفعات الجولان، الأمر الذي يُمثِّل خطورة حقيقية من وجهة نظر الاحتلال.

 

كان هذا النقاش دائرا لأكثر من عقد من الزمان داخل أروقة وزارة الدفاع الإسرائيلية، وخاصة بعد أن أطلق يعقوب عميدرور، الرئيس السابق لشعبة الأبحاث في الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، اسم “حلقة النار” على إستراتيجية عسكرية جديدة يمكن أن يستخدمها خصوم إسرائيل تتضمن بناء حلقة من النار (الصواريخ والمسيرات) حول دولة الاحتلال الإسرائيلي من جميع الجهات.

 

ووفقا للصحفي عاموس هاريل من صحيفة “هآرتس” في حوار3 مع جين-لوب سمعان، وهو زميل أبحاث أول في معهد الشرق الأوسط التابع لجامعة سنغافورة الوطنية، فإن الجيش الإسرائيلي ربما يستعد بالفعل لـ”حملة على ثلاث جبهات”، ستكون القوات الإسرائيلية في موقف هجومي في اثنتين منها، وهما غزة ولبنان، بينما في سوريا ستكون في موقف دفاعي، مع التركيز على لبنان بوصفه مركزَ ثقلٍ أساسيا، لكن هذه الاستعدادات ما زالت جارية وربما لم تنتهِ إلى الآن.

 

حزب الله

Al-Quds Day' event in Lebanon - - BEIRUT, LEBANON - APRIL 14: Military units affiliated with Hezbollah parade during an event marking the Al-Quds Day (Jerusalem) in Beirut, Lebanon on April 14, 2023. Al Quds Day is observed globally on the last Friday (Jumat-ul-Vida) of the Holy month of Ramadan to show support for Palestinians.
إذا قرر حزب الله المشاركة في الحرب بالجبهة الشمالية والشرقية، فإننا نتحدث عن أكثر من 50 ألف مقاتل، حوالي 50% منهم يخدمون بانتظام. (الصورة: الأناضول)

حزب الله دخل بالفعل إلى المعركة، لكن على استحياء وليس بثقله الكامل بالطبع، وكانت آخر تدخلاته الإعلان الصادر يوم السبت 28 أكتوبر/تشرين الأول أنه استهدف بصواريخ موجهة دبابة إسرائيلية من طراز “ميركافا”، في إحدى النقاط التابعة للجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان. وكان “حزب الله” قبلها بيوم واحد فقط، استهدف موقعَيْ “الصدح” و”مسغاف عام” التابعين لجيش الاحتلال بالصواريخ الموجهة.

 

يمتلك حزب الله قوة ضاربة، وإذا قرر المشاركة في الحرب بالجبهة الشمالية والشرقية فإننا نتحدث4 عن أكثر من 50 ألف مقاتل، نحو 50% منهم يخدمون بانتظام، ويبلغ قوام وحدة النخبة التابعة لحزب الله (قوة الرضوان) نحو 2500 فرد. أما ترسانة الحزب من الصواريخ والقذائف الصاروخية وقذائف الهاون فيبلغ عددها بين 100-200 ألف قطعة في بعض التقديرات، بما في ذلك عشرات آلاف الذخائر قصيرة المدى (حتى 40 كيلومترا)، وآلاف متوسطة المدى (حتى 75 كيلومترا)، وآلاف بعيدة المدى (200-700 كيلومتر). ومؤخرا أطلق حزب الله مشروعا لتحديث ترسانته من حيث الدقة، وبحسب آخر التقديرات فإنه يمتلك المئات (وربما الآلاف) من الصواريخ الدقيقة عالية التدمير.

 

كل هذا ولم نتحدث عن ترسانة حزب الله من المسيرات التي تخدم جميع الأغراض، بما في ذلك جمع المعلومات الاستخبارية أو الطائرات الهجومية سواء كانت مسيرات انتحارية أو قاذفات القنابل.  ومن جانب آخر، يمتلك حزب الله ترسانة من الصواريخ المضادة للسفن مثل “سي-802″، وهو نسخة مطورة للتصدير من الصاروخ الصيني “يج-8″ يبلغ مداها 120 كيلومترا، وتحمل رأسا حربيا وزنه 190 كيلوغراما، و”ياخونت بي -800” وهو صاروخ كروز روسي أسرع من الصوت مضاد للسفن، وهو نظام ذو استقلالية كاملة في الاستخدام القتالي (يعمل بطريقة “أطلق النار وانسَ”)، ويمتلك مجموعة من المسارات المرنة وسرعة تفوق سرعة الصوت في جميع مراحل الرحلة، ويمكن استخدامه في بيئة الإجراءات المضادة الإلكترونية وتحت نيران العدو.

 

هذا ولم نتحدث بعد عن الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، بما في ذلك أنظمة الجيل الثالث التي يمكنها اختراق معظم أسلحة جيش دولة الاحتلال الإسرائيلي، تعتمد صواريخ الجيل الثالث على نظام “أطلق وانسَ”، وتمتلك باحثا ليزريا أو جهاز تصوير كهروضوئي أو باحثا راداريا في مقدمة الصاروخ. بمجرد تحديد الهدف، لا يحتاج الصاروخ إلى مزيد من التوجيه أثناء الطيران، بل ينطلق مباشرة لهدفه بشكل مستقل.

منظومة SA-22. (الصورة: شترستوك)
منظومة SA-22. (الصورة: شترستوك)

وتشير التقديرات إلى أنه بالإضافة إلى أنظمة الصواريخ المحمولة مثل “SA-7” و”SA-14″، يمتلك حزب الله أنظمة دفاع جوي متقدمة مثل “SA-8″ و”SA-17” و”SA-22″، الأخير هو نظام صاروخي من عائلة صواريخ أرض-جو ذاتية الدفع متوسطة المدى مضادة للطائرات. وفيه تُشكِّل ثلاثة أنواع من المركبات نظاما واحدا: قاذفة صواريخ، وشاحنة رادار، ومركز قيادة. صُمِّم بالأساس لتوفير دفاع جوي للمنشآت العسكرية والصناعية والإدارية ضد الطائرات والمروحيات والذخائر الدقيقة وصواريخ كروز والمسيرات، ولتوفير حماية إضافية لوحدات الدفاع الجوي ضد الهجمات الجوية للعدو باستخدام ذخائر دقيقة، خاصة على ارتفاعات منخفضة إلى منخفضة للغاية.

 

الحرب البرية على غزة إذن ليست مجرد “حرب برية على غزة”، بل هي جوقة واسعة من الاحتمالات التي يمكن أن تتطور لحرب متعددة الجبهات، بل وحرب إقليمية لا نظن أن دولة الاحتلال الإسرائيلي كانت مستعدة لها أو حسبت تداعياتها بشكل كاف في الوقت الراهن.

——————————————————————————————————–

المصادر

1- Joint Direct Attack Munition GBU- 31/32/38

2- Israel’s Military Tech Fetish Is a Failed Strategy

3- ‘Decisive Victory’ and Israel’s Quest For a New Military Strategy

4- Hezbollah’s Military and Political Strength – Factsheet 11

5- YJ-83 NATO: CSS-N-8 Saccade, Export: C-802A

6- PANTSIR-S1 / PANTSYR-S1 / SA-22 GREYHOUND

[ad_2]
Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى