نصر الله يسعى للتوفيق بين طمأنة اللبنانيين وإقلاق حلفاء إسرائيل
[ad_1]
يواجه المرضى في غزة حرباً أخرى فوق حرب إسرائيل، إذ تضطر الشابة أفنان حبوب من سكان حي الدرج في مدينة غزة، لمواجهة الموت مرتين كل أسبوع عندما تنقل والدتها سميرة إلى قسم غسيل الكلى في مستشفى الشفاء، في رحلة ذهاب وعودة تحت قصف لا يتوقف، وتتضاعف معاناتها في المستشفى المنشغل فوق قدرته الاستيعابية بعلاج وإنقاذ الجرحى.
وبعدما توقفت مكاتب النقل العام، ولم تعد سيارات الإسعاف قادرة على تلبية احتياجات المرضى العاديين، تقود حبوب سيارة أحد أقاربها إلى المشفى، وتشرح كيف أنها ووالدتها يقضون الطريق في نطق الشهادتين، فيما يرتفع مستوى القلق مع كل غارة وانفجار وصوت.
وتفاقمت معاناة حبوب إلى جانب آلاف المرضى الآخرين في غزة، بعد توقف كثير من الخدمات الطبية بشكل عام، في المشافي والمستوصفات والعيادات، مع الانشغال غير المسبوق بعلاج جرحى القصف الإسرائيلي، وهو وضع دفع وزارة الصحة في غزة بالسماح لكل كادر يحمل شهادة الطب أو التمريض، بالعمل وتقديم المساعدة حتى من دون أن يكون قد زاول المهنة.
مركبات لنقل مرضى الكلى
وحتى وقت قريب، كانت وزارة الصحة في غزة توفر في كثير من الأحيان بدعم من مؤسسات عربية ودولية، مركبات لنقل مرضى الكلى للمستشفيات لإجراء عملية غسيل الكلى، مرتين أسبوعياً لكل مريض، لكن توقف كل ذلك الآن، ما اضطر أهالي المرضى للبحث عن بدائل أخرى صعبة مع انعدام المواصلات العامة بشكل شبه كامل.
وقالت حبوب لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن نذهب في وقت مبكر ونعود قبل حلول الظلام. إنها معاناة مركبة، رحلة شاقة وسط حقل ألغام. نودع العائلة كل مرة كأننا لن نعود. لكن ما باليد الحيلة، لأنه لا يمكن أيضاً ألا نذهب. مجرد وصولنا إلى مستشفى الشفاء كأنها حياة جديدة كتبت لنا، وعودتنا إلى البيت بداية حياة جديدة أخرى».
لكن لا تقف معاناة مرضى الكلى في الوصول إلى المشفى، إذ ينشغل الجميع هنا بنقل وعلاج الجرحى، وهو وضع يعقد الوصول إلى أحد الممرضين، ويجعل الوقت طويلاً للغاية. قالت حبوب: «لا نجدهم ونجد صعوبة في أن نجدهم، وإذا وجدناهم نخجل منهم ومن الجرحى». وتعاني مشافي غزة من إشغال زاد على 150 في المائة من طاقتها الاستيعابية، ونقص حاد في الطواقم الطبية المنهكة بفعل الحرب الإسرائيلية.
العيادات تتحول إلى ملاجئ
وحبوب واحدة من آلاف المرضى الذي يحتاجون إلى علاج، وإذا كانت تجده مع كل هذه الصعوبات، فإن الآخرين لا يجدونه.
في الأيام الأولى من الحرب، كانت النازحة ميرفت الحاج من سكان مخيم جباليا شمال قطاع غزة، تتلقى أدويتها الخاصة بمرض السكري والضغط من طواقم «الأونروا» التي كانت تصل إلى منازل المسنين بهدف تقديم العلاج لهم، لكن لاحقاً أغلقت العيادات وتحولت بعضها لملاجئ تؤوي النازحين، فراحت تبحث عن الأدوية في كل مكان، أي صيدلية مفتوحة، أي صيدلي، أي طبيب أي جار.
وبعدما اضطرت الحاج (57 عاماً) للنزوح من جباليا في شمال قطاع غزة إلى النصيرات وسط القطاع، اضطرت لشراء بعض الأدوية البديلة، لكن الدواء ليس متوفراً دائماً، وثمنه أيضاً غير متوفر دائماً. وقالت الحاج لـ«الشرق الأوسط»: «ما في وكالة (أونروا)، ما في أدوية دايما. السكري والضغط دايما طالعين (قراءة مرتفعة)، أحيانا بأخذ الدواء يوم، ويوم تاني لأ».
وبينما تقول وكالة «الأونروا» إن طواقمها تعاني من ظروف صعبة ولا تستطيع توفير كل احتياجات اللاجئين في قطاع غزة، خصوصاً النازحين إلى مدارس الإيواء، يتهم المكتب الإعلامي الحكومي الخاص بحكومة «حماس» المنظمة الأممية، بالتنصل من مختلف مسؤولياتها وإغلاق العيادات الطبية التي تشرف عليها.
الأدوية المسكنة بدل الطبيب
ورصدت «الشرق الأوسط» كثيراً من المرضى الذين يلجأون إلى الأدوية المسكنة في حالات تستدعي زيارة الطبيب، لكن ذلك أصبح في غزة نوعاً من الترف. وقال مواطنون إنهم وسط كل هذا الموت، لم يعودوا يبالون بأمراضهم العادية، مثل الالتهابات والحمى والإنفلونزا والربو، ولن يغامروا في الذهاب إلى المستشفيات المكتظة. لكن مرضى غسيل الكلى والسرطانات وغيرهم من أصحاب الأمراض الخطيرة، لا يستطيعون الانتظار.
وأعلنت وزارة الصحة تضرر مستشفى «الصداقة التركي»، وهو الوحيد لمرضى السرطان في القطاع إثر استهدافه من قبل الجيش الإسرائيلي. وقال الدكتور صبحي سكيك مدير عام المستشفى، على «فيسبوك»، إن «حالة من الهلع أصابت مرضى السرطان والطواقم الطبية جراء تحطيم مستشفى الصداقة التركي الوحيد لمرضى السرطان في قطاع غزة وإلحاق أضرار بليغة فيه، نتيجة استهداف محيطه بشكل متكرر».
وأضاف: «لم يكتفِ الاحتلال بزيادة معاناة وأوجاع مرض السرطان وحرمانهم من الأدوية والسفر للعلاج بالخارج، إلا أنه بات يعرض حياتهم للخطر باستهداف محيط المستشفى».
وقصفت إسرائيل قبل ذلك مستشفى المعمداني في غزة، مخلفة 500 قتيل، كما قصفت محيط مستشفيات أخرى تطالبها بالإخلاء الكامل.
وقالت وزيرة الصحة مي كيلة، إنه لا يمكن إخلاء المستشفيات، فهي مليئة بالمرضى والمصابين، عدا عن آلاف النازحين الذين وجدوا في ساحات المستشفى ملاذاً آمناً. وإضافة إلى علاج آلاف الجرحى وأصحاب أمراض الكلى والسرطانات، ثمة أقسام لا يمكن أن تغلق أبوابها؛ مثل أقسام الولادة والأطفال وغرف العناية المركزة.
الخدمات الضرورية
وقالت دائرة العلاقات العامة بوزارة الصحة بغزة، إنه منذ بدء الحرب تم التعامل مع مئات الحالات وبعضها كانت مستعصية. وأكد أشرف القدرة الناطق باسم وزارة الصحة لـ«الشرق الأوسط»، إن المستشفيات التي ما زال بإمكانها العمل، تقدم الخدمات الضرورية والعاجلة للمرضى رغم تعاملها مع آلاف الجرحى يومياً، ورغم النقص الحاد والشديد في توفر المستلزمات الطبية.
وأضاف: «هناك مئات المرضى يتهددهم الموت، منهم مرضى غسيل الكلى والأطفال حديثو الولادة، ومن هم في أقسام العناية. لا نستطيع التوقف ولا نستطيع إخلاء المشافي». وشرعت مشافي القطاع في رصد حالات وبائية بمراكز الرعاية الأولية، بسبب نقص المياه والغذاء الصحي وتدمير البنية التحتية الصحية والطبية في قطاع غزة.
Source link