مراجعة وتقييم لعبة Alan Wake 2

Alan Wake من أكثر العناوين إثارة للجدل في صناعة الألعاب، فهي واحدة من تلك الألعاب التي اتخذت مسارًا غير معهود من الناحية الدرامية والسردية ولم تلق ترحابًا كافيًا حين صدرت، فيمكن القول أن قاعدة اللاعبين حينها في 2010 لم تكن مستعدة لهذه التجربة بعد، هذه التجربة التي كانت سابقة لعصرها.

بعد فشل تجاري وتخبطات في التخطيط لجزء ثانٍ، أعلن استوديو Remedy في وقت سابق عن تطوير التتمة أخيرًا، فالكاتب تعيس الحظ Alan Wake عاد بعد طول انتظار، بعد 13 عام من تشوّق محبي اللعبة ومقدريها، فهل كانت Alan Wake 2 على قدر التطلعات؟

هل تحتاج لعب Alan Wake 1 قبل 2؟

ليس تمامًا. في ذاتها، قصة Alan Wake 2 مستقلة وتطرح مفاهيمها كاملة من منظور المحققة Saga التي لا تعلم أي شيء عما يحدث، تمامًا كمن لم يلعب الجزء الأول.

ولكن، لعب الجزء الأول سيشكل فارقًا هائلًا في الاستمتاع بالتجربة وفهم ما يجري، فهي قصة لا تقل تعقيدًا عن قصص أفلام Cristopher Nolan مثلًا. توجد شخصيات عدة ظهرت بالفعل في الجزء الأول، وتلميحات وصلات واضحة لأحداث الجزء الأول.

بالإضافة إلى ذلك، Alan Wake 2 لعبة متصلة بشكل وثيق مع عالم Remedy المتصل، العالم الذي يضم الجزء الأول ولعبة Control، وهي فكرة مشابهة لفكرة عالم “مارفل” السينمائي.

باختصار، لا تحتاج للعب ألعاب أخرى لفهم أساس القصة والأحداث الرئيسية، ولكن إن أردت الاستمتاع بالتجربة كاملة وألا يفوتك شيء، عليك لعب الجزء الأول ولعبة Control والإضافات المتوفرة لكل منهما، خاصةً وأن القصة معقدة، وصدقني ستحتاج كل ما يمكنك الحصول عليه من معرفة مسبقة قبل بدء التجربة.

القصة بدون حرق

بعد مرور 13 عام على أحداث الجزء الأول واختفاء الكاتب Alan Wake في مدينة Bright Falls في ظروف غامضة، تنتشر في المدينة ذاتها جرائم قتل وحشية من طائفة متطرفة، وآخرها كانت مقتل العميل الفيدرالي “روبرت نايتنغيل” الذي كان مفقودًا هو الآخر ولكنه ظهر فجأة وقُتل بوحشية عند بحيرة Cauldron، الأمر الذي يستدعي تدخل مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI.

يصل العميلان Alex Casey و Saga Anderson ليحققا في الأمر، لكنهما لم يدركا أن حياتهما على وشك أن تنقلب رأسًا على عقب. بينما يحققان في الأمر، تظهر صفحات تروي ما يحدث لهما بتفصيل مرعب، وتبدأ أحداث أخرى خارقة للطبيعة في الظهور، يبدو أن Bright Falls لا زالت ملعونة حتى بعد 13 عام.

على الجانب الآخر في الـ Dark Place، لا زال Alan Wake يحاول كتابة قصة جديدة ليهرب من المكان المظلم، فما علاقة القصة بما يحدث في العالم الحقيقي؟ كيف لنا أن نعلم ما هو حقيقي وما هو خيالي في هذه المرحلة؟ وماذا سيكون دور Saga و Casey في كل هذا بينما يكتشفون المزيد عما يحدث؟ هذا ما تطرحه قصة Alan Wake 2 ببطولة مزدوجة، ومغامرتين منفصلتين ولكنهما وثيقا الترابط.

تمتد القصة إلى قرابة الـ 20 ساعة لإكمال جزئيّ Alan و Saga، وهي مدة تعتمد على مستوى الصعوبة وعدد المرات التي تموت فيها.

شرح تجربة Alan Wake 2 باختصار

• Alan Wake 2 هي تجربة رعب وبقاء خالصة من منظور الشخص الثالث، في وجود قواسم مشتركة مع ألعاب رعب أخرى كـ Resident Evil و Silent Hill حتى، بالاعتماد على بناء الأجواء الموترة الحادة والفزعات المفاجئة، مع ندرة الموارد والحاجة إلى إدارتها بحكمة واقتصاد.

• تقدم Alan Wake 2 بطولة مزدوجة من منظورين مختلفيْن، حيث لدينا Alan في الـ Dark Place و Saga في العالم الحقيقي. في البداية تكون كل مغامرة منفصلة، ولكن سرعان ما تبدأ الخيوط في التشابك والأبعاد في التداخل.

• لكل بطل آليات أسلحة مختلفة، وأيضًا آليات لعب خاصة به، فـ Alan مثلًا يمكنه تغيير البيئة من حوله بالكتابة والعثور على إلهام جديد، وأيضًا باستخدام المصباح الخاص به الذي يحتاج إضاءة لتغيير المكان. أما Saga فتمتلك مهارة التحقيق وربط الأدلة داخل عقلها “Mind Place”، وذلك لا يشمل الأحداث الرئيسية فقط، حيث هناك تحقيقات جانبية عديدة لكشف المزيد عن العالم وشخصياته على طريقة Saga الخاصة.

• تصميم المراحل بنظام Metroidvania المتشابك. هناك أماكن جانبية في كل منطقة تصل إليها، مع حرية كاملة في استكشاف المنطقة، والتنقل بين المناطق المختلفة. يمكن العثور على عتاد وأسلحة في تلك الأماكن الجانبية، كما توجد ألغاز عديدة ومتنوعة يمكن حلها لكسب جوائز أكثر.

• تركز اللعبة بشكل كبير على دمج المشاهد الواقعية بشكل متناغم مع أسلوب اللعب على طريقة Remedy المعهودة، ولكن بكثافة أكثر وجودة أعلى هذه المرة.

ستحتاج لغة إنجليزية جيدة للعب Alan Wake 2

بينما لا تتضمن Alan Wake 2 دعمًا للغة العربية في أي من جوانبها، ومع كونها لعبة قصصية وسردية معقدة في المقام الأول، يبقى السؤال المهم هو: هل تحتاج لغة إنجليزية جيدة للاستمتاع باللعبة؟

للأسف الإجابة هي نعم، فبجانب أهمية الحوارات الشديدة وضرورة فهم ما يمكن فهمه منها، أسلوب الكتابة نفسه أسلوب روائي بليغ وليس بسيطًا في أغلبه، فمع تعقيد القصة وتداخل الواقع مع الخيال ستحتاج إلى فهم أكبر قدر ممكن مما يجري.

الإيجابيات

• رسوميات من عالم آخر ومعيار جديد يضعه استوديو Remedy للجودة البصرية لألعاب الجيل الحالي. قدمت Alan Wake 2 أفضل جودة بصرية رأيناها في ألعاب الجيل الحالي بلا شك، وتلك الجودة لا تشمل التفاصيل الرسومية فحسب، بل أيضًا الإضاءة والتوجه الفني بشكل عام، وحتى تفاصيل تعبيرات الوجوه الخرافية، جميعها تمت بشكل مثالي. صدقًا تعبيرات الوجوه هنا رائعة لدرجة الرعب لأنه من الصعب التفرقة بينها وبين الوجوه الحقيقية.

• دمج المشاهد الواقعية مع أسلوب اللعب بهذا المستوى وبهذه الجودة، هو نقلة جديدة في أدوات السرد في الألعاب والآفاق التي يمكن الوصول إليها. لطالما امتلكت Remedy رؤية خاصة فيما يخص دمج المشاهد الواقعية وتوظيفها في السرد، ولكن يمكن القول أن Alan Wake 2 أخذت تلك الرؤية وضاعفتها أضعافًا لتصل إلى مستوى غير مسبوق من السينمائية في الألعاب، الأمر الذي يستفيد بشدة من الجودة الرسومية التي تجعلك غير قادر على التمييز بين ما هو حقيقي وما هو رسومي.

• تجربة رعب وبقاء من طراز رفيع، مع لمسة Remedy المجنونة. تحتوي Alan Wake 2 على بعض من لحظات الرعب والتوتر الشديدة التي سيقدرها محبو تصنيف الرعب بشكل كبير، فبجانب الأجواء العظيمة لعالم اللعبة والتوتر الذي لا ينقطع، فالرعب هنا يستفيد من تصميم المراحل والرؤية الإبداعية لطبيعة الـ Dark Place، ذلك المكان الخارق الذي لا يعرف قواعد العالم الطبيعي، ما يجعله المنصة المثالية لبناء أكثر لحظات الرعب جنونًا.

• تصميم المراحل عبقري، يجعلك لا تود ترك “بيكسل” واحد دون استكشاف. لعبة Alan Wake 2 واحدة من أكثر الألعاب التي تجذبك إليها وتجعلك غير قادر على مغادرتها بالرغم من قساوة عالمها، الأمر الذي يرجع أكثره إلى جودة تصميم المراحل وتوزيع البقع المختلفة فيه، مع روعة ترابط كل منها بنظام الـ Metroidvania، حيث ستجد عتاد وألغاز ومنازل كاملة غير مكتشفة في أماكن موزعة حول المهمة الأساسية بشكل لا يجعلك تنفر من تكبد عناء الذهاب إليها، وبمساعدة الخريطة العبقرية هي الأخرى، ستجد التجول في عالم Alan Wake 2 أمرًا محببًا.

• السرد البيئي عظيم، يضيف الكثير للقصة وبه تلميحات لطيفة لمن لعبوا الجزء الأول ولعبة Control. ليس جديدًا على Remedy الإبداع في السرد البيئي، حيث ستجد أعداد هائلة من الملاحظات المكتوبة وصفحات القصة التي تعثر عليها، بالإضافة إلى البريد الإلكتروني على الحواسيب المختلفة. تلك الملاحظات مكتوبة بشكل رائع أيضًا والتركيز على أدق التفاصيل فيها واضح، حيث لا تقل جودتها عن جودة كتابة الحوارات الرئيسية والقصة الأساسية. مثلًا في إحدى الرسائل، Barry يخبر Alice بأن المنتجين يريدون تحويل قصة Alan Wake المجنونة إلى لعبة فيديو، وكيف أن ذلك أمرًا سخيفًا وغير أخلاقي.

• ليس أمرًا اعتياديًا أن تُمدح الألغاز وتصميمها بشكل خاص، ولكن ألغاز Alan Wake 2 عبقرية ببساطة. لغز ذكي ولكنه غير معقد، مع ترك أدلة كافية للاعب لاكتشاف الحل بنفسه دون مساعدات من أي نوع من جانب اللعبة. هذه هي الصورة المثالية لما يجب أن تكون عليه الألغاز في الألعاب، وهذا بالضبط ما تفعله اللعبة هنا. لا أذكر آخر مرة قضيت فيها هذا الوقت والمجهود الذهني، وفي لعبة سينمائية كـ Alan Wake 2، لتتبع كل لغز ومحاولة اكتشاف حله عن طريق النظر حولي ببساطة. هو أمر قد يراه البعض عيبًا، ولكني أراه ميزة قوية تجعل اللعبة تجربة تفاعلية أكثر من كونها فيلم سينمائي مليئ بالتفاعلات السريعة “Quick Time Events”.

• أسلوب اللعب يأخذ الأفكار الرائعة التي ظهرت في الجزء الأول ويصقلها بشكل ممتاز، ويضيف عليها ما يجعل اللعبة لعبة رعب بهوية فريدة وأسلوب خاص. بدءًا من المصباح اليدوي واستخدامه في هزيمة الأعداء، والتضاد بين النور والظلام، وحتى أفكار جديدة مثل التغير اللحظي والغامر للعالم من حولك في أجزاء من الثانية بفعل بسيط مثل إنارة المصباح. بالنسبة للمعارك والأسلحة، فلا غبار عليها، فالتصويب هنا وإحساسه لا يقل جودة عن ألعاب مثل Resident Evil و The Last of Us.

السلبيات

• نظام إدارة المخزون سطحي بعض الشيء إذا ما قارنّاه بعناوين أخرى مثل Resident Evil. فتح المخزون لا يُوقف اللعبة كما أنه يسلب منك التحكم في الشخصية، ما يجعل الوصول الضروري إلى المخزون في اللحظات الصعبة -وهناك الكثير منها- أمرًا شاقًا.

• بالرغم من روعة القصة، نهايتها لم تكن مرضية بشكل كافٍ، مع وقوع بعض الأحداث “السخيفة” نحو النهاية. بعد ساعات من تعقيد القصة وبناء طبقات متشابكة بشكل مثالي، وإثارة الفضول إلى أعلى الدرجات، كانت النهاية محبطة بعض الشيء ولم تجب على أسئلة كافية، ما يجعلها بناء رائع لما هو قادم من ألعاب الاستوديو، ولكنها ببساطة لم تكن مرضية لإنهاء تجربة Alan Wake 2 في ذاتها.

• اللعبة لا تدعم اللغة العربية في أي من جوانبها بالرغم من حاجتها الشديدة لذلك. من المؤسف أن نرى مطورًا عملاقًا مثل Remedy مع ناشر مميز مثل Epic Games يفشلان في توفير دعم للغة العربية لعنوان بأهمية Alan Wake 2، بالأخص وأن طبيعة اللعبة وقصتها تحتاج إلى الترجمة ليستمتع بها أكبر قدر ممكن من اللاعبين العرب.

هل أنصحك بـ Alan Wake 2؟

بكل تأكيد! Alan Wake 2 هي تجربة استثنائية في كل جانب من جوانبها، ونحن أمام عناصر ثورية في صناعة الألعاب ككل، سواء من الناحية السردية وما يمكن أن يصل إليه مطور الألعاب في حكاية قصته، أو من ناحية الإمكانيات التقنية والآفاق الرسومية لهذا الجيل.

تستحق Alan Wake 2 كل قرش ستدفعه فيها، فهي تحفة فنية من الصعب أن تتكرر، وبلا شك ستكون منافسًا قويًا على جائزة لعبة العام.