بين واشنطن وبكين.. هل تنجح فيتنام في الحفاظ على حيادها؟ | سياسة
[ad_1]
واشنطن- تؤكد فيتنام حيادها، وتنفي رسميا أي ميل تجاه طرفي التنافس الصيني الأميركي المتزايد. في وقت ينفي فيه الرئيس جو بايدن أن يكون الهدف من الوجود الأميركي في الحديقة الخلفية للصين، والتقرب والتعاون العسكري مع جيرانها، هو احتواء بكين.
إلا إنه لا يمكن فهم السياق العام لزيارة بايدن إلى العاصمة الفيتنامية هانوي، إلا في إطار ثنائي يشمل الجهد الأميركي لاحتواء الصين عبر شبكة واسعة من التحالفات، وزيادة اعتماد فيتنام على واشنطن لمواجهة الأطماع الصينية في مياه بحر الصين الجنوبي وثرواته.
ورفعت فيتنام العلاقات مع الولايات المتحدة إلى مستوى الشريك الإستراتيجي الشامل، وهو أعلى مستوى من الشراكة الدولية التي يمكن أن تجمع فيتنام بدولة أجنبية.
ولهذه الخطوة أهمية كبيرة، إذ تنظر واشنطن إلى فيتنام كدولة محورية في إستراتيجيتها لمنطقة المحيطين الهادئ والهندي، خاصة مع رفضها لسياسة الصين في بحر الصين الجنوبي، حيث تطالب بكين بالمياه التي تقول هانوي إنها تابعة لها.
وأكدت وثيقة إستراتيجية الأمن القومي الأميركي الأخيرة الصادرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أن الصين لا تزال تشكل التحدي الأكثر أهمية للنظام العالمي.
وجاء فيها، “سنعطي الأولوية للحفاظ على أفضلية تنافسية دائمة على جمهورية الصين الشعبية”، وأن “الصين هي المنافس الوحيد الذي لديه نية لإعادة تشكيل النظام الدولي، وتملك بشكل متزايد القوة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية والتكنولوجية لتحقيق هذا الهدف”.
اهتزاز العلاقات
وتشترك فيتنام في 1500 كيلومتر من حدودها البرية مع الصين، ولا تستطيع تحمل عدم وجود علاقة طيبة معها، حيث لعبت الصين تاريخيا دورا مؤثرا في إنشاء الدولة الفيتنامية الحديثة عبر دعم المقاومة ضد القوات الفرنسية والأميركية.
ولكن انخراط فيتنام في صراع حدودي مع الصين منذ عام 1979، ووجود خلافات ضخمة بشأن المطالبات المتنافسة بجزر في بحر الصين الجنوبي، هز ثوابت العلاقات بين الدولتين اللتين يجمعهما إرث وتاريخ حضاري طويل.
في الأثناء، تحاول فيتنام أن توازن علاقاتها الخارجية بالتعاون المتزايد مع الولايات المتحدة في الجانب العسكري منذ تطبيع العلاقات بينهما سنة 1995.
ونظرا لحدودها الواسعة المشتركة مع الصين وموقفها المعادي لبكين في نزاعات بحر الصين الجنوبي، أصبحت فيتنام محورية في تخطيط واشنطن الهادف لاحتواء النفوذ الصيني المتصاعد.
وبلغ تطوير علاقات الدولتين درجة “الشراكة الإستراتيجية الشاملة”، عقب جهود أميركية نجحت في الجمع بين اليابان وجمهورية كوريا والولايات المتحدة، فيما يشبه حلفا آسيويا جديدا، إلى جانب شراكات عسكرية قوية مع الفلبين، وشراكة أوكوس (AUKUS) مع أستراليا والمملكة المتحدة، والتجمع الرباعي (QUAD) مع الهند، وأستراليا، واليابان.
وجهة رئيسية
وأصبحت فيتنام إحدى وجهات الرؤساء الأميركيين الخارجية منذ قيام الرئيس بيل كلينتون بأول زيارة لرئيس أميركي لهانوي عام 2000، وزارها بعد ذلك جورج بوش، وباراك أوباما، ودونالد ترامب، وجو بايدن.
وجاءت زيارة بايدن لفيتنام بعد 50 عاما من اتفاقات باريس للسلام التي أنهت “حرب فيتنام” التي استمرت 8 سنوات وقتل فيها 60 ألف أميركي وأكثر من 3 ملايين فيتنامي.
وقال بايدن، أمس الأحد، في مؤتمر صحفي بهانوي “اليوم يمكننا تتبع مسار 50 عاما من التقدم في العلاقة بين بلدينا، من الصراع إلى التطبيع إلى هذا الوضع الرفيع الجديد الذي سيكون قوة للازدهار والأمن في واحدة من أكثر المناطق أهمية في العالم”.
وتعكس الشراكة الموسعة بين واشنطن وهانوي جهدا أميركيا لتقليل الاعتماد الاقتصادي على الصين. وأوضح بايدن أن فيتنام تريد الحفاظ على درجة من الاستقلالية، في الوقت الذي تبحث فيه الشركات الأميركية عن بديل للواردات من المصانع الصينية.
ولا يعني تطوير العلاقات الأميركية الفيتنامية تدهور العلاقات الصينية مع أي من الدولتين، على الأقل في المجال التجاري.
ومنذ عام 2004، أصبحت الصين الشريك التجاري الأكبر لفيتنام، كما أصبحت الولايات المتحدة من أكبر شركاء فيتنام والصين التجاريين. وتضاعفت الواردات الأميركية من السلع الفيتنامية منذ عام 2019 لتصل إلى 127 مليار دولار عام 2022، وفقا لمكتب الإحصاء الأميركي، بينما صدرت أميركا منتجات بقيمة 11 مليار دولار في العام نفسه.
لا للاختيار
وبينما تدين بكين ما يسمى “بعقلية الحرب الباردة” التي تقسم العالم إلى كتل، يصر البيت الأبيض على أنه يسعى فقط إلى المنافسة وليس الصراع. وقال بايدن أمس الأحد، “نحن لا نتطلع إلى إيذاء الصين، بصدق، نحن جميعا أفضل حالا إذا أبلت الصين بلاء حسنا وبشكل جيد وفقا للقواعد الدولية”.
ويرى بعض الخبراء أن الشراكات الأميركية مع جيران الصين “ليست بالضرورة ترجمة لإستراتيجية إدارة بايدن الشاملة تجاه الصين، ولكنها نتاج الطريقة التي استخدمت بها الصين قوتها العسكرية والاقتصادية بقوة متزايدة في المنطقة”.
ويسعى جيران الصين -مثل فيتنام- بشكل متزايد إلى ثقل موازن لوجود بكين القوي الذي لا يتوقف عن استعراض عضلاته العسكرية في مناطق بحر الصين الجنوبي التي تعتبرها فيتنام أراضي تابعة لها.
ويؤكد خبراء فيتناميون أن بلادهم “لا تريد اختيار طرف لأنها تريد تجنب درس ثمانينيات القرن العشرين، عندما انحازت إلى الاتحاد السوفييتي ضد الصين وعاقبتها بكين وتخلت عنها موسكو لاحقا، لذلك فالحفاظ على علاقات جيدة مع جميع القوى يفيد فيتنام أكثر من غيرها”.
ومع سعي فيتنام إلى تجنب غضب الصين، فإنها تنجذب بشكل متزايد نحو الولايات المتحدة بدافع المصلحة الذاتية الاقتصادية، خاصة مع تضخم تجارتها مع واشنطن في وقت تسعى فيه هانوي إلى الاستفادة من الجهود الأميركية لتنويع سلاسل التوريد خارج الصين، فضلا عن القلق بشأن الحشد العسكري الصيني في بحر الصين الجنوبي.
Source link